الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما صفة الأكفان فيختار أن تكون بيضا ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " خير ثيابكم البياض فألبسوها أحياءكم وكفنوا فيها موتاكم " . وروت عائشة رضي الله عنها أن رسول [ ص: 21 ] الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض رياط سحولية ، فالرياط هي الأزر البيض الخفاف التي لا فق فيها ولا خياطة ، والسحولية المنسوبة إلى قرية من قرى اليمن يقال لها سحول ، ويختار أن تكون الثياب البياض جددا ليس فيها قميص ولا عمامة ، واختار مالك العمامة للميت رجلا كانت أو امرأة ، واختار أبو حنيفة القميص .

فأما مالك فإنه عول على أنه فعل أهل المدينة وأن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عمم في كفنه .

وأما أبو حنيفة فإنه استدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كفن في قميص ، ولأنه أجمل زي الأحياء فاقتضى أن يكون ذلك سنة في الموتى كالإزار .

وكلا المذهبين غير صحيح ، لرواية عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة " ولأنه ملبوس منع منه المحرم فوجب أن يمنع منه الميت كالسراويل ، فأما تعميم علي عليه السلام فغير صحيح ، وإنما كانت عصابة شد بها رأسه لأجل الضربة التي كانت به ، وأما ما روي أنه كفن في قميص فأما الرواية أنه غسل في قميص ؛ لأن عائشة رضي الله عنها أخبرت بخلافه .

التالي السابق


الخدمات العلمية