صفحة جزء
فصل

في أحكام الجعالة

فمنها : الجواز ، فلكل واحد من المالك والعامل فسخها قبل تمام العمل ، فأما بعد تمام العمل ، فلا أثر للفسخ ، لأن الدين لزم . ثم إن اتفق الفسخ قبل الشروع في العمل ، فلا شيء للعامل . وإن كان بعده ، فإن فسخ العامل ، فلا شيء له ، لأنه امتنع باختياره ولم يحصل غرض المالك . وإن فسخ المالك ، فوجهان . أحدهما : لا شيء للعامل كما لو فسخ بنفسه . والصحيح ، أنه يستحق أجرة المثل لما عمل ، وبهذا قطع الجمهور ، وعبروا عنه بأنه ليس له الفسخ حتى يضمن للعامل أجرة مثل ما عمل . ولو عمل العامل شيئا بعد الفسخ ، لم يستحق شيئا إن علم بالفسخ . فإن لم يعلم ، بني على الخلاف في نفوذ عزل الوكيل في غيبته قبل علمه .

فرع

تنفسخ الجعالة بالموت ، ولا شيء للعامل لما عمله بعد موت المالك . فلو قطع بعض المسافة ، ثم مات المالك فرده إلى وارثه ، استحق من المسمى بقدر عمله في الحياة .

فرع

ومن أحكامها : جواز الزيادة والنقص في الجعل ، وتغير جنسه قبل الشروع في [ ص: 274 ] العمل . فلو قال : من رد عبدي ، فله عشرة . ثم قال : من رده فله خمسة أو بالعكس ، فالاعتبار بالنداء الأخير . والمذكور فيه هو الذي يستحقه الراد ، لكن لو لم يسمع الراد النداء الأخير ، قال الغزالي : يحتمل أن يقال : يرجع إلى أجرة المثل . وأما بعد الشروع في العمل ، ففي كلام صاحب " المهذب " وغيره تقييد جواز الزيادة والنقص بما قبل العمل ، وفي كلام الغزالي قبل الفراغ . فالظاهر ، أنه في أثناء العمل يؤثر في الرجوع إلى أجرة المثل ، لأن النداء الأخير فسخ للأول ، والفسخ في أثناء العمل يقتضي أجرة المثل .

فرع

ومن أحكامها ، توقف استحقاق الجعل على تمام الجعل على تمام العمل . فلو سعى في طلب الآبق ، فرده فمات في باب دار المالك قبل أن يسلمه إليه ، أو هرب ، أو غصب ، أو تركه العامل فرجع ، فلا شيء للعامل ، لأنه لم يرد .

قلت : ومنه لو خاط نصف الثوب فاحترق ، أو تركه ، أو بنى بعض الحائط فانهدم ، أو تركه ، فلا شيء للعامل ، قاله أصحابنا . والله أعلم .

فرع

إذا رد الآبق ، لم يكن له حبسه لاستيفاء الجعل ، لأن الاستحقاق بالتسليم ، ولا حبس قبل الاستحقاق .

فرع

قال : إن علمت هذا الصبي ، أو إن علمتني القرآن ، فلك كذا ، فعلمه البعض ، [ ص: 275 ] وامتنع من تعليم الباقي ، فلا شيء له ، وكذا إن كان الصبي بليدا لا يتعلم ، لأنه كمن طلب العبد فلم يجده . ولو مات الصبي في أثناء التعليم ، [ استحق أجرة ما علمه ، لوقوعه مسلما بالتعليم ، بخلاف رد الآبق ، وإن منعه أبوه من التعلم ] فله أجرة المثل لما علمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية