صفحة جزء
فصل

في مسائل منثورة تتعلق بالباب

إحداها : وقف على الطالبيين وجوزناه ، كفى الصرف إلى ثلاثة ، ويجوز أن يكون أحدهم من أولاد علي ، والثاني من أولاد جعفر ، والثالث من أولاد عقيل ، [ ص: 360 ] - رضي الله عنهم - . ولو وقف على أولاد علي ، وأولاد عقيل ، وأولاد جعفر - رضي الله عنهم - فلا بد من الصرف إلى ثلاثة من كل صنف ، الثانية : وقف شجرة ، ففي دخول المغرس وجهان ، وكذا حكم الأساس مع البناء ، الثالثة : وقف على عمارة المسجد ، لا يجوز صرف الغلة إلى النقش ، والتزويق ، وذكر في " العدة " أنه يجوز دفع أجرة القيم منه ، ولا يجوز صرف شيء منه إلى الإمام والمؤذن ، والفرق أن القيم يحفظ العمارة ، قال : ويجوز أن يشترى منه البواري ، ولا يشترى الدهن على الأصح ، والذي ذكره البغوي ، وأكثر من تعرض للمسألة : أنه لا يشترى منه الدهن ، ولا الحصير . والتجصيص الذي فيه إحكام معدود من العمارة ، وإذا وقف على عمارة المسجد جاز أن يشترى منه سلم لصعود السطح ، ومكانس يكنس بها ، ومساحي لنقل التراب ، لأن ذلك كله لحفظ العمارة ، ولو كان يصيب بابه المطر ، ويفسده جاز بناء ظلة منه ، وينبغي أن لا يضر بالمارة ، ولو وقف على مصلحة المسجد ، لم يجز النقش والتزويق ، ويجوز شراء الحصر والدهن ، والقياس جواز الصرف إلى الإمام ، والمؤذن أيضا ، والموقوف على الحشيش ، والسقف لا يصرف إلى الحصير ، ولا بالعكس ، والموقوف على أحدهما لا يصرف إلى اللبود ولا بالعكس ، ولو وقف على المسجد مطلقا ، وجوزناه ، قال البغوي : هو كالوقف على عمارة المسجد ، وفي " الجرجانيات " في جواز الصرف إلى النقش ، والتزويق في هذه الصورة وجهان ، وفي " فتاوى الغزالي " : أنه يجوز هنا صرف الغلة إلى الإمام والمؤذن ، وأنه يجوز بناء منارة للمسجد ، ويشبه أن يجوز بناء المنارة من الموقوف على عمارة المسجد أيضا ، ولو وقف على النقش ، والتزويق ، فوجهان قريبان من الخلاف في جواز تحلية المصحف .

[ ص: 361 ] قلت : الأصح لا يصح الوقف على النقش والتزويق ، لأنه منهي عنه - والله أعلم - .

الرابعة : إذا قال المتولي : أنفقت كذا ، فالظاهر قبول قوله عند الاحتمال . الخامسة : لا يجوز قسمة العقار الموقوف بين أرباب الوقف ، وقال ابن القطان : إن قلنا : القسمة إفراز جاز ، فإذا انقرض البطن الأول انقضت القسمة ، ويجوز لأهل الوقف المهايأة ، قاله ابن كج ، السادسة : لا يجوز تغيير الوقف عن هيئته ، فلا تجعل الدار بستانا ، ولا حماما ، ولا بالعكس ، إلا إذا جعل الواقف إلى الناظر ما يرى فيه مصلحة للوقف ، وفي فتاوى القفال : أنه يجوز أن يجعل حانوت القصارين للخبازين ، فكأنه احتمل تغيير النوع دون الجنس ، ولو هدم الدار أو البستان ظالم أخذ منه الضمان ، وبني به ، أو غرس ليكون وقفا مكان الأول ، ولو انهدم البناء ، وانقلعت الأشجار استغلت الأرض بالإجارة لمن يزرعها ، أو يضرب فيها خيامه ، ثم تبنى وتغرس من غلتها ، ويجوز أن يقرض الإمام الناظر من بيت المال ، أو يأذن له في الاقتراض ، أو الإنفاق من مال نفسه على العمارة بشرط الرجوع ، وليس له الاقتراض دون إذن الإمام ، السابعة : لو تلف الموقوف في يد الموقوف عليه من غير تعد ، فلا ضمان عليه .

قلت : ومن ذلك الكيزان المسبلة على أحواض الماء ، والأنهر ، ونحوها ، فلا ضمان على من تلف في يده شيء منها بلا تعد ، فإن تعدى ضمن ، ومن التعدي استعماله في غير ما وقف له . - والله أعلم - .

الثامنة : لو انكسر المرجل ، والطنجير الموقوفان ، ووجد متبرع بالإصلاح فذاك وإلا اتخذ منه أصغر ، وأنفق الباقي على إصلاحه ، فإن لم يمكن اتخاذ مرجل [ ص: 362 ] وطنجير ، اتخذ منه ما يمكن من قصعة ومغرفة ، وغيرهما ، ولا حاجة هنا إلى إنشاء وقفه ، فإنه غير الموقوف ، التاسعة : الوقف على الفقراء ، هل يختص بفقراء بلد الواقف ؟ فيه الخلاف المذكور فيما لو أوصى للفقراء ، وهل يجوز الدفع [ منه ] إلى فقيرة لها زوج يمونها ؟ فيه خلاف سبق في أول قسم الصدقات .

قلت : سبق هناك أن الأصح أنه لا يدفع إليها ، ولا إلى الابن المكفي بنفقة أبيه ، قال صاحب " المعاياة " : ولو كان له صنعة يكتسب بها كفايته ، ولا مال له ، استحق الوقف باسم الفقر قطعا ، وفي هذا الذي قاله احتمال . - والله أعلم - .

العاشرة : سئل الحناطي عن شجرة تنبت في المقبرة ، هل يجوز للناس الأكل من ثمرها ؟ فقال : قيل : يجوز ، وعندي : الأولى أن تصرف في مصالح المقبرة .

قلت : المختار الجواز . - والله أعلم - .

وسئل عن شجرة غرسها رجل في المسجد ، فقال : إن غرسها للمسجد لم يجز أكل ثمرها بلا عوض ، ويجب صرف عوضها في مصالح المسجد ، وينبغي أن لا تغرس الأشجار في المسجد .

قلت : وإن غرسها مسبلة للأكل جاز أكلها بلا عوض ، وكذا إن جهلت نيته حيث جرت العادة به ، وسبق في كتاب الصلاة أنها تقلع . والله أعلم .

الحادية عشرة : قال الأئمة : إذا جعل البقعة مسجدا ، فكان فيها شجرة جاز للإمام قلعها باجتهاده ، وبماذا ينقطع حق الواقف عن الشجرة ؟ قال الغزالي في الفتاوى : مجرد ذكر الأرض لا يخرج الشجرة عن ملكه كبيع الأرض ، [ ص: 363 ] وحينئذ لا يكلف تفريغ الأرض ، ولك أن تقول : في استتباع الأرض للشجر في البيع قولان ، وإذا قال : جعلت هذه الأرض مسجدا ، فلا تدخل الشجرة قطعا ، لأنها لا تجعل مسجدا ، ولو جعل الأرض مسجدا ، ووقف الشجرة عليها ، فعلى هذه الصورة ونحوها ينزل كلام الأصحاب ، الثانية عشرة : أفتى الغزالي بأنه يجوز وقف الستور لتستر بها جدران المسجد ، وينبغي أن يجيء فيه الخلاف السابق في النقش ، والتزويق . الثالثة عشرة : لو وقف على دهن السراج للمسجد جاز وضعه في جميع الليل ، لأنه أنشط للمصلين .

قلت : إنما يسرج جميع الليل إذا انتفع به من في المسجد كمصل ، ونائم ، وغيرهما ، فإن كان المسجد مغلقا ليس فيه أحد ، ولا يمكن دخوله ، لم يسرج ، لأنه إضاعة مال . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية