صفحة جزء
فصل

في عصبات المعتق

قد سبق أن من لا عصبة له من النسب ، فماله أو ما يفضل عن الفروض لمعتقه إن كان عتيقا سواء كان المعتق ذكرا أو أنثى . فإن لم يوجد المعتق ، فالاستحقاق لعصباته من النسب الذين يتعصبون بأنفسهم دون من يعصبهم غيرهم ، فلا ترث النساء بالولاء إلا ممن أعتقن ، أو أعتق من أعتقن ، أو جر الولاء إليهن من أعتقن . وإن شئت قلت : لا ترث امرأة بولاء إلا معتقها ، أو منتميا إليه بنسب أو ولاء ؛ لأن الولاء أضعف من النسب البعيد . وإذا بعد النسب ، ورث الذكور دون الإناث ، [ ص: 22 ] فيرث ابن الأخ والعم وابنه دون أخواتهم . فإذا لم ترث بنت الأخ ، فبنت المعتق أولى ، ثم الذين يتعصبون بأنفسهم ترتيبهم في الولاء كترتيبهم في النسب ، فيقدم ابن المعتق وابن ابنه على أبيه وجده ، لكن يفترق الترتيبان في مسائل .

إحداها : في الأخ للأبوين مع الأخ للأب طريقان : المذهب : يقدم الأخ للأبوين كما في النسب . والثاني : على قولين : ثانيهما : يتساويان ، إذ لا مدخل لقرابة الأم هنا . الثانية : في الجد والأخ قولان . أظهرهما عند الشيخ أبي حامد وأبي خلف الطبري والأكثرين : أن الأخ مقدم . والثاني : يتساويان كالنسب ، ورجحه البغوي . فإن قلنا : يتساويان ، فطريقان . أحدهما نقله الحناطي وغيره : فيه وجهان : أحدهما : للجد ما هو خير له من المقاسمة وثلث المال ، كما سيأتي - إن شاء الله تعالى - في النسب . وأصحهما : أنه يقاسم الإخوة أبدا ؛ لأنه لا مدخل للفرض والتقدير في الولاء .

والطريق الثاني وهو المذهب وبه قطع الجمهور : القطع بالمقاسمة أبدا . ولو اجتمع مع جد المعتق إخوة لأبوين ، وإخوة لأب ، فوجهان : أحدهما وهو اختيار ابن اللبان : يعد الإخوة من الأب على الجد ، كما في النسب . وأصحهما وبه قال ابن سريج والأكثرون : لا يعدون ، بل الجد والأخ للأبوين يقتسمان ، والفرق أن الإخوة للأب قد يأخذون شيئا في النسب ، كما إذا كان معهم أخت للأبوين وجد ، وهنا لا يأخذون شيئا بحال ؛ لأنه لا يرث هنا إلا ذكر ، ولا يرث الأخ للأب مع الأخ للأبوين ، فيبعد أن يدخل في القسمة من لا يأخذ بحال . وعلى هذا القول الجد أولى من ابن الأخ على الأصح كالنسب . وقيل : يستويان . قال البغوي تفريعا على هذا القول : الأخ أولى من أبي الجد ، وأبو الجد مع ابن الأخ يستويان . وإذا قلنا بالأظهر : إن الأخ مقدم على الجد ، فابن الأخ مقدم أيضا كابن الابن ، والقولان في الأخ والجد يجريان في العم مع أبي الجد ، وفي كل عم اجتمع هو وجد إذا أدلى ذلك العم بابن ذلك الجد ، ولا خلاف أن الجد أولى من العم .

[ ص: 23 ] المسألة الثالثة : إذا كان للمعتق ابنا عم أحدهما أخ ، فالمذهب والمنصوص : أنه مقدم كما سبق في الفصل قبله .

فرع

إذا لم يوجد أحد من عصبات المعتق ، فالمال لمعتق المعتق ، ثم لعصباته على النسق المذكور في عصبات المعتق ، ثم لمعتق معتق المعتق . وعلى هذا القياس . والقول في معتق الأب والجد وقواعد أخر ومسائل عويصة نذكره - إن شاء الله تعالى - في كتاب الولاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية