صفحة جزء
( المسألة ) الثامنة : اسم الرقيق بالوضع يتناول الصغير والكبير ، والسليم والمعيب ، والمسلم والكافر ، والذكر والأنثى والخنثى .

[ ص: 163 ] فرع : إذا قال : أعطوه رأسا من رقيقي ، أو أوصيت له برأس من رقيقي ، فإن لم يكن له رقيق يوم الوصية ، ولا حدث بعد ذلك ، فالوصية باطلة .

وكذا لو قال : أعطوه عبدي الحبشي ، أو العبد الذي صفته كذا ، ولا عبد له بتلك الصفة يوم الوصية ، ولا حدث ، فهي باطلة .

فلو حدث له أرقاء بعد الوصية ، ففيه الوجهان السابقان في أن الاعتبار بيوم الوصية ، أم بيوم الموت ؟ وعليهما يخرج ما إذا كان له أرقاء يوم الوصية وحدث آخرون بعده ، وهل للوارث أن يعطيه رقيقا من الحادثين ، أم يتعين الأولون ؟ ولو لم يملك إلا رقيقا واحدا وقال : أعطوه رأسا من رقيقي ، فهل تصح الوصية ويدفع إليه ذلك الواحد ، أم تبطل ؟ وجهان .

أصحهما : الأول .

وإن كان له أرقاء ، أعطاه الوارث منهم من شاء ، ويجوز الخنثى على الأصح ، لشمول الاسم .

وقيل : لا ، لانصراف اللفظ إلى المعهود .

ولا يجوز أن يعطى من غير أرقائه ولو تراضيا ; لأن حقه غير متعين ، والمصالحة عن المجهول باطلة .

فرع : له أرقاء أوصى بأحدهم ، فماتوا ، أو قتلوا قبل موت الموصي ، بطلت الوصية .

وإن بقي واحد ، تعين . .



وكذا لو أعتقهم إلا واحدا .

وليس للوارث أن يمسك الذي بقي ويدفع إليه قيمة مقتول .

وإن قتلوا بعد موته وبعد قبول الموصى له ، انتقل حقه إلى القيمة ، فيصرف الوارث من شاء منهم إليه .

وإن قتلوا بعد موته وقبل القبول ، فكذلك إن قلنا : تملك الوصية بالموت ، أو موقوفة .

وإن قلنا : تملك بالقبول ، بطلت الوصية .

وإن مات واحد منهم ، أو قتل بعد موت الموصي [ ص: 164 ] وقبول الموصى له ، فللوارث التعيين فيه ، حتى يجب التجهيز على الموصى له في صورة الموت ، وتكون القيمة له في صورة القتل .

وإن كان ذلك بعد موت الموصي وقبل القبول ، فكذلك إن قلنا : تملك الوصية بالموت ، أو موقوفة .

وإن قلنا : تملك بالقبول ، فيعطى واحدا من الباقين ، كما لو كان ذلك قبل موت الموصي .

فرع : أوصى برقيق من ماله ، ولم يضف إلى أرقائه ، فإن لم يكن له رقيق ، اشتري من ماله .

وإن كان ، فالوارث يعطيه واحدا منهم ، أو يشتري له كما يشاء .

وإن قال : اشتروا له [ مملوكا ، فكما ذكرنا في قوله : اشتروا له ] شاة .

ولو قال : أعطوه رقيقا ، ولم يقل : من مالي ، قال البغوي : لا يكون وصية .

وحكى المتولي وجهين .

أحدهما : هذا ، والثاني - قال : وهو المذهب - : تصحيح الوصية ، وجعلها كقوله : من مالي ; لأنه المراد ظاهرا .

فرع : قال : أعطوه عبدا ، لم يعط أمة ، ولا خنثى مشكلا .

ولو قال : أمة ، لم يعط عبدا ، ولا خنثى مشكلا .

وفي الواضح الوجهان السابقان .

ولو قال : رقيقا يقاتل ، أو يخدمه في السفر ، تعين العبد .

ولو قال : رقيقا يستمتع به ، أو يحضن ولده ، تعينت الأمة .

ولو قال : رقيقا يخدمه ، فهو كما لو أطلق .

[ ص: 165 ] فرع ( لو ) أوصى بإعتاق عبد ، أعتق ما يقع عليه الاسم على الأصح .

وقيل : يتعين ما يجزئ في الكفارة ; لأنه المعروف في الإعتاق ، بخلاف : أعطوه عبدا ، فلا عرف فيه .

فرع : قال : اشتروا بثلثي عبدا وأعتقوه عني ، فامتثل الوارث ، ثم ظهر عليه دين مستغرق ، قال الأصحاب : إن اشتراه في الذمة ، وقع عنه ولزمه الثمن ، ويكون العتق عن الميت ; لأنه أعتق عنه .

وإن اشتراه بعين التركة ، بطل الشراء والعتق .

كذا ذكروه بلا خلاف .

وقد سبق في تصرف الورثة في التركة مع قيام الدين تفصيل ، وذكرنا على تقدير البطلان خلافا في أنه إذا تصرف ثم ظهر دين ، هل يتبين البطلان ، أم لا ؟ وهذا ينبغي أن يكون على ذلك الخلاف .

فرع : قال : أعتقوا عني رقابا ، أو قال : اشتروا بثلث مالي رقابا واعتقوهم ، فأقل عدد يقع عليه اسم الرقاب ثلاثة .

فإن تيسر شراء ثلاث فصاعدا بثلثه ، فعل .

قال الشافعي رحمه الله : الاستكثار مع الاسترخاص أولى من الاستقلال مع الاستغلاء ، ومعناه : أن إعتاق خمس رقاب قليلة القيمة أفضل من إعتاق أربعة كثيرة القيمة .

ولا يجوز صرف الثلث والحالة هذه إلى رقبتين .

فإن صرفه إليهما ، [ ص: 166 ] قال الشيخ أبو الفرج الزاز : يضمن الوصي للرقبة الثالثة .

وهل يضمن ثلث ما نفذت فيه الوصية ، أم أقل ما يجد به رقبة ؟ فيه الخلاف ، كمن دفع نصيب أحد أصناف الزكاة إلى اثنين .

أما إذا لم يتيسر [ شراء ] ثلاث رقاب بالثلث ، فينظر ، إن لم يوجد به إلا رقبتان ، اشتريناهما وأعتقناهما .

وإن وجدنا رقبتين ، وفضل شيء ، فهل يشترى بالفاضل شقصا ؟ وجهان .

أحدهما : نعم واختاره الغزالي .

وأصحهما عند جماهير الأصحاب وهو ظاهر النص : المنع ; لأن الشقص ليس برقبة ، فصار كقوله : اشتروا بثلثي رقبة ، فلم يجد رقبة ، لا يشتري شقصا قطعا .

فعلى هذا ، يشتري رقبتين نفيستين يستغرق ثمنهما الثلث .

فإن فضل عن أنفس رقبتين وجدناهما ، بطلت الوصية في الفاضل ، ورد على الورثة .

وإذا قلنا : يشتري شقصا ، فذاك إذا وجد شقص يشترى بالفاضل وزاد على ثمن أنفس رقبتين شيء .

فأما إذا لم يمكن شراء شقص بالفاضل ، إما لقلته ، وإما لعدم الشقص ، فيشترى رقبتان نفيستان .

فإن فضل شيء عن أنفس رقبتين وجدناهما ، بطلت الوصية في الفاضل على الأصح .

وقيل : يوقف إلى أن يوجد شقص ، فإن لم يزد على ثمن أنفس رقبتين شيء ، بل أمكن شراء رقبتين نفيستين ، وأمكن شراء خسيستين وشقص من ثالثة ، فأي الأمرين أولى ؟ وجهان .

أشبههما بالوجه الذي تفرع عليه ، الثاني .

ولو كان لفظ الموصي : اصرفوا ثلثي إلى العتق ، اشترينا الشقص بلا خلاف .

ولو قال : اشتروا عبدا بألف وأعتقوه ، فلم يخرج الألف من ثلثه ، وأمكن شراء عبد بالقدر الذي يخرج ، فيشترى ويعتق .

التالي السابق


الخدمات العلمية