صفحة جزء
الطرف الثاني : في اللفظ المستعمل في الموصى له ، وفيه مسائل .

( المسألة ) الأولى : في الوصية للحمل ، وقد سبق شرط صحتها .

فالمقصود الآن بيان ما يقتضي اللفظ من حيث العدد والذكورة والأنوثة .

فإذا قال : أوصيت [ ص: 167 ] لحمل هند بكذا ، فأتت بولدين ، وزع عليهما بالسوية ، ولا نفضل الذكر على الأنثى ، كما لو وهب لرجل وامرأة شيئا ، إلا أن يصرح بالتفضيل .

ولو خرج حي وميت فالأصح أن الجميع للحي ; لأن الميت كالمعدوم .

وقيل : للحي النصف ، والباقي لوارث الموصي .

فرع : قال : إن كان حملها غلاما ، فأعطوه كذا ، وإن كان جارية ، فكذا ، واقتصر على أحد الطرفين ، فإن ولدت ذكرا أو أنثى ، فعل ما ذكر .

وإن ولدت ذكرا وأنثى جميعا ، فلا شيء لواحد منهما ; لأنه شرط صفة الذكورة [ أو ] الأنوثة في جملة الحمل ، ولم يحصل .

وإن ولدت ذكرين ، قال الغزالي : لا شيء لهما ; لأن التنكير يشعر بالتوحيد .

ويصدق أن يقال : بأن حملها غلامين لا غلاما .

لكنه ذكر في الطلاق في قوله : إن كان حملك ذكرا ، فأنت طالق طلقة ، وإن كان أنثى ، فطلقتين ، فولدت ذكرين ، فيه وجهان .

أحدهما : لا تطلق ، لهذا المعنى .

والثاني : تطلق طلقة .

والمعنى : إن كان جنس حملك ذكرا .

ولا فرق بين البابين ، فيجئ هنا وجه : أنه يقسم المذكور للغلام بينهما .

وبهذا قطع الشيخ أبو الفرج الزاز .

قال : وبمثله لو قال : إن كان حملها ابنا ، فله كذا ، وإن كان بنتا ، فكذا ، فولدت ابنين ، لا شيء لهما ، وفرق بأن الذكر والأنثى أسماء جنس ، فتقع على الواحد والعدد ، بخلاف الابن والبنت ، وهذا ليس بواضح ، والقياس أن لا فرق .

قلت : بل الفرق واضح ، والمختار ما قاله أبو الفرج ، فيقسم بين الذكرين في الصورة الأولى ، دون الثانية ، لما ذكرناه من الفرق .

والله أعلم .

[ ص: 168 ] ولو قال : إن كان ما في بطنها غلاما ، أو الذي في بطنها ، فهو كما لو قال : إن كان حملها غلاما .

ولو قال : إن كان في بطنها غلام ، فأعطوه كذا ، فولدت غلاما وجارية ، استحق الغلام ما ذكر .

وإن ولدت غلامين ، فوجهان .

أحدهما : بطلان الوصية ، بناء على أن التنكير يقتضي التوحيد .

وأصحهما : صحتها .

فعلى هذا هل يوزع بينهما ، أم يوقف إلى أن يبلغا فيصطلحا عليه ، أم يصرفه الوارث إلى من شاء منهما كما لو وقع الإبهام في الموصى به ؟ فيه أوجه .

أصحها : الثالث .

وتجري الأوجه فيما لو أوصى لأحد شخصين وجوزنا الإبهام في الموصى له فمات قبل البيان ، ففي وجه : يعين الوارث .

وفي وجه : يوزع .

وفي وجه : يوقف حتى يصطلحا .

ولو قال : إن كنت حاملا بغلام ، أو إن ولدت غلاما ، فهو كما لو قال : إن كان في بطنها غلام .

ولو قال : إن ولدت ذكرا ، فله مائتان ، وإن ولدت أنثى ، فمائة ، فولدت خنثى ، دفع إليه الأقل .

وإن ولدت ذكرا وأنثى ، فلكل واحد منهما ما ذكر .

وإن ولدت ذكرين وأنثيين ، جاء الوجهان .

ثم الأوجه الثلاثة في كل واحد من الصنفين .

التالي السابق


الخدمات العلمية