صفحة جزء
المسألة الثانية : فيما يتعلق بجانب وارث الموصي ، وفيه أربعة فروع .

[ ص: 189 ] الأول : الوارث يملك إعتاق الموصى بمنفعته ; لأن رقبته له ، وأشار صاحب " الرقم " وغيره إلى خلاف فيه .

والمذهب الأول ، لكن لا يجري إعتاقه عن الكفارة على الأصح ، لعجزه عن الكسب .

وإذا أعتق ، فالصحيح الذي قطع به الجمهور : أن الوصية تبقى بحالها ، وتكون المنافع مستحقة للموصى له كما كانت ، كما إذا أعتق المستأجر .

ولا يرجع العتيق بقيمة المنفعة قطعا .

وقيل : تبطل الوصية ، نقله أبو الفرج الزاز ; لأنه يبعد أن تكون منفعة الحر مستحقة أبدا .

فعلى هذا في رجوع الموصى له على المعتق بقيمة المنافع وجهان .

قلت : لعل أصحهما الرجوع .

والله أعلم .

وليس للوارث كتابة هذا العبد على الأصح ; لأن أكسابه مستحقة .

ووجه الجواز توقع الزكاة ونحوها .

الفرع الثاني : إذا كانت الوصية بمنفعة - مدة معلومة - ، فنفقته على الوارث ، كالمستأجر .

وإن كانت على التأبيد ، فثلاثة أوجه .

أصحها : كذلك .

والثاني : على الموصى له .

والثالث : في كسبه .

فإن لم يكن كسب .

أو لم يف بها ، ففي بيت المال .

والفطرة كالنفقة ، ففيها الأوجه ، كذا قاله السرخسي وطائفة ، وقطع البغوي بأنها على مالك الرقبة .

وعلف البهيمة ، كنفقة العبد .

أما عمارة الدار الموصى بمنافعها ، وسقي البستان الموصى بثماره ، فإن تراضيا عليه ، أو تطوع أحدهما به ، فذاك ، وليس للآخر منعه .

وإن تنازعا ، لم يجبر واحد منهما ، بخلاف النفقة ؛ لحرمة الزوج .

وأشار بعضهم إلى طرد الخلاف في العمارة وسائر المؤن .

الفرع الثالث : بيع الموصى بمنفعته مدة ، كبيع المستأجر .

وأما الموصى بمنفعته على التأبيد ، ففي بيع الوارث رقبته أوجه .

أصحها : يصح [ بيعها ] [ ص: 190 ] للموصى له بالمنفعة دون غيره .

والثاني : يصح مطلقا .

والثالث : لا .

والرابع : يصح بيع العبد والأمة ، لأنهما يتقرب بإعتاقهما ، ولا يصح بيع البهائم والجمادات .

والماشية الموصى بنتاجها يصح بيعها ، لبقاء بعض المنافع والفوائد ، كالصوف ، والظهر .

وإنما الخلاف فيما استغرقت الوصية منافعه .

الفرع الرابع : هل للوارث وطء الموصى بمنفعتها ؟ فيه أوجه .

أصحها : ثالثها : يجوز إن كانت ممن لا تحبل ، وإلا ، فلا .

فإن منعنا ، فوطئ ، فلا حد ، للشبهة ، وأما المهر ، فيبنى على أنها لو وطئت بشبهة لمن المهر ؟ فإن قلنا : للوارث ، فلا مهر عليه ، وإلا ، فعليه .

فإن أولدها ، فالولد حر ، وعليه قيمته .

وهل تكون القيمة للموصى له ؟ أم يشترى بها عبد يخدم الموصى له وتكون رقبته للوارث ؟ فيه الوجهان فيما إذا ولدت رقيقا .

وتصير الجارية أم ولد يعتق بموته مسلوبة المنفعة . وقيل : لا تصير ، وهو ضعيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية