صفحة جزء
الركن الثاني : الموصي ، فإن كانت الوصاية في قضاء الديون وتنفيذ الوصايا ، صحت من كل حر مكلف . وإن كانت في أمور الأطفال ، اشترط مع ذلك أن يكون للموصي ولاية على الموصى في حقه من الصبيان والمجانين ابتداء من الشرع ، لا بتفويض ، وفيه مسائل .

[ ص: 314 ] إحداها : أن الوصي هل يوصي ؟ فيه صور .

إحداها : ليس للموصي في الوصاية المطلقة أن يوصي .

الثانية : قال : أوصيت إليك إلى أن يبلغ ابني فلان ، أو يقدم من سفره ، فإذا بلغ أو قدم ، فهو الوصي . أو قال : أوصيت إليك سنة وبعدها وصيي فلان ، فالمذهب صحته ، وبه قطع الجمهور ، وتحتمل الوصية التعليق كما تحتمل الجهالات والأخطار . وحكى الحناطي وآخرون فيه خلافا كتعليق الوكالة ، وبالمنع أجاب الروياني فقال : لو قال : إذا مت فقد أوصيت إليك ، لا يجوز ، بخلاف قوله : أوصيت إليك إذا مت . ولو قال : أوصيت إليك ، فإذا حضرك الموت فقد أوصيت [ إلى من أوصيت ] إليه ، أو فوصيك وصيي ، فباطلة على الأظهر . وقيل : قطعا . وقيل : صحيحة قطعا .

الثالثة : أوصى إلى زيد ، وأذن له في الوصاية ، نظر ، إن لم يعين ، بل قال : أوص بتركتي إلى من شئت ، فأوصى بها إلى شخص ، صح على الأظهر . وقيل : قطعا . وإن عين فقال : أوص بها إلى فلان ، فكذلك . وقيل : تصح قطعا ، لأنه قطع اجتهاده ، فصار كقوله : أوصيت بعده إلى فلان .

فرع

لو أطلق فقال : أوص إلى من شئت ، أو إلى فلان ، ولم يضف إلى نفسه ، فهل يحمل على الوصاية عنه حتى يجيء فيه الخلاف ؟ أم يقطع بأنه لا يوصي عنه ؟ فيه وجهان حكاهما البغوي ، وقال : الأصح الثاني .

المسألة الثانية : لا يجوز نصب وصي على الأولاد البالغين العقلاء ؛ لأنه لا يلي أمرهم . وأما المجانين ، فتجوز الوصاية في أمرهم كالصبيان ، وله نصب الوصي لقضاء [ ص: 315 ] الدين والوصايا . وإذا نصبه لذلك ، لم يتمكن من إلزام الورثة تسليم التركة لتباع في الدين ، بل لهم إمساكها وقضاء الدين من مالهم . فلو امتنعوا من التسليم والقضاء من عندهم ، ألزمهم أحد الأمرين . هذا إذا أطلق الوصاية بقضاء الدين . فإن قال : ادفع هذا العبد إليه عوضا عن دينه ، فينبغي أن لا يكون للورثة إمساكه ؛ لأن في أعيان الأموال أغراضا . ولو قال : بعه واقض الدين من ثمنه ، فيجوز أن لا يكون لهم الإمساك أيضا ؛ لأنه قد يكون أطيب .

المسألة الثالثة : لا يجوز للأب نصب الوصي في حياة الجد على الصحيح ؛ لأن ولايته ثابتة شرعا كولاية التزويج . هذا في أمر الأطفال ، فأما في قضاء الديون والوصايا ، فله ذلك ، ويكون الوصي أولى من الجد . ولو لم ينصب وصيا ، فأبوه أولى بقضاء الدين وأمر الأطفال ، والحاكم أولى بتنفيذ الوصايا ، كذا نقله البغوي وغيره .

الرابعة : ليس لغير الأب والجد الوصاية في أمر الأطفال ، ولا للأم إلا على قول الإصطخري في أنها تلي فتوصي .

التالي السابق


الخدمات العلمية