صفحة جزء
فصل

مال الفيء يقسم خمسة أسهم ، فأربعة يأتي بيان مصرفها ، والخمس الآخر يقسم على خمسة أسهم متساوية :

أحدها : السهم المضاف إلى الله - عز وجل - وإلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ينفق منه على نفسه وأهله ومصالحه ، وما فضل جعله في السلاح عدة في سبيل الله تعالى وفي سائر المصالح . وأما بعده - صلى الله عليه وسلم - ، فيصرف هذا السهم في مصالح المسلمين ، كسد الثغور ، وعمارة الحصون والقناطر والمساجد ، وأرزاق القضاة والأئمة ، ويقدم الأهم فالأهم .

ونقل الشافعي - رحمه الله - عن بعض العلماء : أن هذا السهم يرد على أهل السهمان الذين ذكرهم الله تعالى ، فذكر أبو الفرج الزاز : أن بعض الأصحاب جعل هذا قولا للشافعي ؛ لأنه استحسنه . وحكى في الوسيط وجها : أن هذا السهم يصرف إلى الإمام ؛ لأنه خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهذان النقلان شاذان مردودان .

السهم الثاني : لذوي القربى ، وهم بنو هاشم ، وبنو المطلب ، يشترك فيه فقيرهم وغنيهم وكبيرهم وصغيرهم وذكرهم وأنثاهم ، بشرط كون الانتساب بالآباء ، فلا يعطى أولاد البنات .

قلت : وحكى ابن المنذر وابن كج وجها في اختصاصه بفقرائهم ، وهو شاذ متروك . والله أعلم .

[ ص: 356 ] ولا يفضل أحد منهم على أحد إلا بالذكورة ، فللذكر سهمان ، وللأنثى سهم . وقال المزني : يسوى بينهما . وقال القاضي حسين : المدلي بجهتين يفضل على المدلي بجهة .

فرع

يعم بالعطاء الحاضر في موضع حصول الفيء والغائب عنه على الصحيح . وقال أبو إسحاق : ما حصل في إقليم ، دفع إلى من فيه ، لمشقة النقل . واحتجوا للصحيح بظاهر الآية ، وبالقياس على الإرث . وأما المشقة ، فيأمر الإمام أمناءه في كل إقليم بضبط من فيه ، ولا يلزمه نقل ما في كل إقليم إلى جميع الأقاليم ، بل الحاصل في كل إقليم يضبط ، يفرق على ساكنيه . فإن لم يكن في بعضها شيء ، أو لم يف بمن فيه ، نقل قدر الحاجة . قال الإمام : ولو كان الحاصل قدرا لو وزع لم يسد مسدا ، قدم الأحوج ، ولا يستوعب للضرورة .

السهم الثالث : لليتامى . واليتيم : الصغير الذي لا أب له ، قيل : ولا جد . ويشترط فيه الفقر على المشهور . وقيل : على الصحيح .

السهم الرابع والخامس : المساكين وابن السبيل ، وقد سبق بيانهما في الزكاة .

فرع

في تعميم اليتامى والمساكين وابن السبيل ، وتخصيص الحاصل في كل إقليم وناحية بأهله ، الخلاف في أهل القربى ، حكاه الشيخ أبو حامد وغيره .

[ ص: 357 ] فرع

سبق في باب الوصية : أن عند الانفراد يدخل الفقراء في اسم المساكين ، وعكسه ، ولفظ المساكين هنا مفرد ، فيدخل فيه الفقراء ، وحينئذ مقتضى القول بوجوب تعميم مساكين الإقليم أو العالم تناول الفقراء أيضا ، وهذا مقتضى كلام بعضهم . ومنهم من يقول : يجوز الصرف إلى الفقراء ؛ لأنهم أشد حاجة ، وهذا لا يقتضي تناولهم .

قلت : الصحيح الأول ، وأنهما داخلان في الاسم . وممن صرح به القاضي أبو الطيب في تعليقه . والله أعلم .

فرع

يجوز أن يفاوت بين اليتامى ، وكذا في المساكين وأبناء السبيل ؛ لأن هؤلاء يستحقون بالحاجة ، فتراعى حاجاتهم ، بخلاف ذوي القربى ، فإنهم يستحقون بالقرابة .

فرع

لا يشترط أن يكون هؤلاء الأصناف الثلاثة من المرتزقة على الصحيح المعروف . وعن القفال : اختصاصه بيتامى المرتزقة ، وذكر الماوردي مثله في المساكين وأبناء السبيل .

[ ص: 358 ] فرع

إذا فقد بعض الأصناف ، وزع نصيبه على الباقين كالزكاة ، إلا سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه للمصالح كما ذكرنا .

فرع

لا يجوز الصرف إلى كافر .

فرع

لا يجوز الاقتصار على إعطاء ثلاثة من اليتامى ، ولا من المساكين ، ولا من أبناء السبيل ، كما قلنا في الزكاة إذا فرقها الإمام .

قلت : لا يجوز دفع شيء من سهم ذوي القربى إلى مواليهم ، قال صاحب ( ( التلخيص ) ) : لو ادعى أنه مسكين أو ابن سبيل ، قبل بلا بينة ، ولا يقبل اليتم والقرابة إلا ببينة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية