صفحة جزء
فصل

في مسائل منثورة

إحداها : جاء رجل فطلب إثبات اسمه في الديوان ، أجابه الإمام : إن وجد في المال سعة وفي الطالب أهلية ، وإلا ، فلا .

[ المسألة ] الثانية : لا يحبس شيء من مال الفيء خوفا أن ينزل بالمسلمين نازلة ، بل يفرغ الجميع في الوقت المعين . ثم إن نزلت نازلة ، فعلى جميع المسلمين القيام بأمرها . فإن غشيهم العدو ، فعلى جميعهم أن ينفروا .

[ المسألة ] الثالثة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : يرزق من مال الفيء الحكام وولاة الأحداث والصلاة ، وكل من قام بأمر الفيء من وال وكاتب وجندي لا يستغني أهل الفيء عنهم . والمراد بالحكام : الذين يحكمون بين أهل الفيء في مغزاهم . وولاة الأحداث ، قيل : هم الذين يعلمون أحداث أهل الفيء الفروسية والرمي ، وقيل : هم الذين ينصبون في الأطراف لتولية القضاة وسعاة الصدقات وعزلهم وتجهيز الجيوش إلى الثغور وحفظ البلاد من أهل الفساد ونحوها من الأحداث . وولاة الصلاة : الذين يقيمون لهم الجمعات والجماعات ، وكذلك يرزق عرفاء أهل الفيء . وإذا وجد من يتطوع بهذه الأعمال ، لم يرزق عليها غيره .

[ المسألة ] الرابعة : يجوز أن يكون عامل الفيء من ذوي القربى . قال الماوردي - رحمه الله - : عامل الفيء إن ولي وضع أموال الفيء وتقديرها وتقريرها اشترط كونه مسلما حرا مجتهدا عارفا بالحساب والمساحة . وإن ولي جباية أمواله بعد تقريرها ، سقط [ ص: 367 ] الشرط الثالث . وإن ولي جباية نوع خاص من الفيء ، نظر ، إن لم يستغن فيه عن استنابة ، اشترط إسلامه وحريته واطلاعه بشرط ما ولي من حساب ومساحة ، لما فيه من معنى الولاية . وإن استغنى عن الاستنابة ، جاز أن يكون عبدا ؛ لأنه كالرسول المأمور . وأما تولية الذمي ، فإن كانت جباية من أهل الذمة كالجزية وعشر التجار ، جازت . وإن كانت من المسلمين ، ففي جوازها وجهان .

قلت : الأصح المنع . والله أعلم .

وإذا فسدت ولاية العامل ، وقبض المال مع فسادها ، برئ الدافع ، لبقاء الإذن . فلو نهي عن القبض بعد فسادها لم يبرأ الدافع إليه إن علم النهي ، وإن جهله ، فوجهان ، كالوكيل .

قلت : قال الماوردي : إذا تأخر العطاء عن المثبتين في الديوان عند استحقاقهم ، وكان المال حاصلا ، فلهم المطالبة كالديون . وإن أعوز بيت المال ، كانت أرزاقهم دينا على بيت المال ، وليس لهم مطالبة ولي الأمر به . قال : وإذا أراد ولي الأمر إسقاط بعضهم لسبب ، جاز ، وبغير سبب ، لا يجوز .

وإذا أراد بعضهم إخراج نفسه من الديوان ، جاز إن استغنى عنه ، ولا يجوز مع الحاجة ، إلا أن يكون معذورا . قال : وإذا جرد الجيش للقتال ، فامتنعوا وهم أكفاء من حاربهم ، سقطت أرزاقهم . وإن ضعفوا عنه ، لم تسقط . وإذا جرد أحدهم لسفر ، أعطي نفقة سفره إن لم يدخل في تقدير عطائه ، ولم يعط إن دخل فيه . وإذا تلف سلاحه في الحرب ، أعطي عوضه إن لم يدخل في تقدير عطائه ، وإلا ، فلا . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية