صفحة جزء
[ ص: 377 ] فصل

فيمن يستحق السهم

من شهد الوقعة بنية الجهاد استحقه ، قاتل أو لم يقاتل ، إذا كان ممن يسهم له ، ويتعلق بهذا الأصل صور .

إحداها : من حضر قبل انقضاء القتال ، استحق . وإن حضر بعد حيازة المال ، فلا وإن حضر بعد انقضائه ، وقبل حيازة المال ، فقولان . وقيل : وجهان . أظهرهما : لا يستحق . والثاني : بلى . وقيل : إن خيف رجعة الكفار ، استحق . وإلا ، فلا . ولو أقاموا على حصن وأشرفوا على فتحه ، فلحق مدد قبل الفتح ، شاركوهم . وإن فتحوا ودخلوا آمنين ، ثم جاء المدد ، لم يشاركوهم .

[ الصورة ] الثانية : غاب في أثناء القتال منهزما ولم يعد حتى انقضى القتال ، فلا حق له . وإن عاد قبل انقضائه ، استحق من المحوز بعد عوده دون المحوز قبل عوده ، كذا ذكره البغوي ، وقياسه أن يقال فيمن حضر قبل انقضاء القتال : لا حق له في المحوز قبل حضوره . كذا نقله أبو الفرج الزاز عن بعض الأصحاب ، وإن كنا أطلقناه في الصورة السابقة .

قلت : هذا الذي نقله أبو الفرج متعين ، وكلام من أطلقه محمول عليه . والله أعلم .

وإن ولى متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ، استحق على تفصيل مذكور في ( ( كتاب السير ) ) ، ومن هرب ثم ادعى أنه كان متحرفا أو متحيزا ، قال الغزالي : يصدق بيمينه . وقال البغوي : إن لم يعد إلا بعد انقضاء القتال ، لم يصدق ؛ لأن الظاهر خلافه . وإن عاد قبله ، صدق بيمينه . فإن حلف ، استحق من الجميع . وإن نكل ، لم يستحق إلا من المحوز بعد عوده .

[ ص: 378 ] قلت : الذي قاله البغوي أرجح . والله أعلم .

[ الصورة ] الثالثة : مات بعضهم قبل الشروع في القتال ، فلا حق له . ولو مات فرسه أو سرق أو عار أو خرج من يده ببيع أو هبة ونحوهما ، لم يستحق سهم الفرس . وفيما إذا عار وجه ضعيف .

ولو مات رجل بعد انقضاء الحرب وحيازة المال ، انتقل حقه إلى ورثته . ولو مات فرسه في هذه الحال ، استحق سهم الفرس . ولو مات الرجل بعد انقضاء الحرب وقبل الحيازة ، انتقل حقه إلى ورثته على الأصح . ولو مات فرسه في هذا الحال ، استحق سهم الفرس على الأصح . ولو مات في أثناء القتال ، سقط حقه على المنصوص . ونص في موت الفرس في هذا الحال أنه يستحق سهم الفرس . وللأصحاب طرق . أصحها : تقرير النصين ؛ لأن الفارس متبوع ، والفرس تابع . وقيل : قولان فيهما . وقيل : إن حيز المال بقتال جديد ، فلا استحقاق فيهما . وإن أفضى ذلك القتال إلى الحيازة ، استحق فيهما .

[ الصورة ] الرابعة : إذا شهد الوقعة صحيحا ، ثم مرض مرضا لا يمنع القتال ، كالحمى الخفيفة والصداع ، أو مرضا يرجى زواله ، لم يبطل حقه . وإن كان غير ذلك ، كالزمانة والفالج ، ففي بطلان حقه قولان أو وجهان ، أظهرهما : لا يبطل . ولو خرج في الحرب ، استحق على المذهب . ثم الأكثرون أطلقوا القول في رجاء الزوال وعدمه . وحكي عن بعض أصحاب الإمام أن المعتبر رجاء الزوال قبل انجلاء القتال . وإذا لم يستحق المريض ، رضخ له . والمرض بعد انقضاء القتال وقبل حيازة المال ، على الخلاف السابق .

[ الصورة ] الخامسة : المخذل للجيش ، يمنع الخروج مع الناس وحضور الصف . فإن حضر ، لم يعط سهما ولا رضخا . ولا يلحق الفاسق بالمخذل على الصحيح ، وقيل : يلحق ؛ لأنه لا يؤمن تخذيله .

[ ص: 379 ] قلت : كذا قطع الجمهور ، أن المخذل لا رضخ له . وقال الجرجاني في التحرير : إن حضر بإذن الإمام ، رضخ له . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية