صفحة جزء
الطرف الرابع : في تولي طرفي العقد ، فيه مسائل .

إحداها : هل يتولى الجد طرفي تزويج بنت ابنه الصغيرة أو الكبيرة بابن ابن آخر مولى عليه ؟ فيه وجهان . اختار ابن الحداد والقفال وابن الصباغ الجواز ، وصاحب " التلخيص " وجماعة من المتأخرين المنع .

قلت : قال الرافعي في " المحرر " : رجح المعتبرون الجواز . - والله أعلم - .

فإن جوزنا ، اشترط الإتيان بشقي الإيجاب والقبول على الأصح . وقيل : يكفي أحدهما . وإن منعنا ، فإن كانت بالغة ، زوجها السلطان بإذنها ، ويقبل الجد للابن . وإن كانت صغيرة ، وجب الصبر إلى أن تبلغ فتأذن ، أو يبلغ الصغير فيقبل ، [ ص: 71 ] كذا حكاه الشيخ أبو علي وغيره . وذكر الإمام تفريعا على المنع : أنه يرفع إلى السلطان ليتولى أحد الطرفين . قال : ثم يحتمل أن يتخير منهما ، ويحتمل أن يقال : يأتي بما يستدعيه الولي ، وهذا مفروض فيما إذا كانت الولاية بسبب الجنون ، وإلا ، فغير الأب والجد لا يزوج الصغير ولا الصغيرة .

[ المسألة ] الثانية : للعم تزويج بنت أخيه بابنه البالغ ، ولابن العم تزويجها بابنه على المذهب فيهما . هذا إذا أطلقت الإذن وجوزناه . فإن عينته في الإذن ، جاز قطعا ، لانتفاء التهمة .

وإن زوجها بابنه الطفل ، لم يصح على المذهب ، لأنه نكاح لم يحضره أربعة ، وليس له قوة الجدودة .

[ المسألة ] الثالثة : إذا كان الولي ممن يجوز له نكاحها ، كابن العم ، والمعتق ، والقاضي ، وأراد نكاحها ، لم تجز تولية الطرفين ، ولكن يزوج ابن العم من في درجته ، فإن لم يكن ، فالقاضي . وإن كان الراغب القاضي ، زوجه وال فوقه ، أو خرج إلى قاضي بلد آخر ، أو يستخلف من يزوجه إن كان له الاستخلاف . وإن كان الراغب الإمام الأعظم ، زوجه بعض قضاته . هذا هو الصحيح . وفي الإمام وجه مشهور : أنه يتولى الطرفين . وفي القاضي وابن العم وجه أبعد ، ويجيء مثله في المعتق . وحكي الوجه في القاضي عن أبي يحيى البلخي . ولو أراد أحد هؤلاء تزويجها بابنه الصغير ، فكنفسه . وحيث جوزنا لنفسه ، فذلك إذا سمته في إذنها . فإن أطلقت ، وجوزنا الإطلاق ، فوجهان حكاهما الحناطي . وفي " فتاوى " البغوي : أنه لو أراد نكاح بنت عمه وهو وليها ، وهو غائب عنها ، زوجها به قاضي بلد المرأة ، لا قاضي بلد الرجل .

[ المسألة ] الرابعة : من منعناه تولي الطرفين ، فوكل في أحدهما ، أو وكل [ ص: 72 ] شخصين فيهما ، لم يصح على الأصح ، لأن فعل الوكيل فعل الموكل . وقيل : يصح ، لوجود العدد . وقيل : يجوز للجد ، لتمام ولايته من الطرفين . ولو وكل الولي رجلا ، ووكله الخاطب ، أو وكله في تزويجه لنفسه ، فتولى الطرفين ، لم يصح على الصحيح .

[ المسألة ] الخامسة : زوج أمته بعبده الصغير ، وجوزنا له إجباره ، فهو كتولي الجد طرفيه .

[ المسألة ] السادسة : ابنا عم ، أحدهما لأب ، والآخر لأبوين ، أراد الأول نكاحها ، يزوجه الثاني ، وإن أراد الثاني وقلنا : هما سواء ، زوجه الأول ، وإلا ، فالقاضي .

[ المسألة ] السابعة : قالت لابن عمها أو معتقها : زوجني ، أو زوجني من شئت ، ليس للقاضي تزويجه بها بهذا الإذن ، لأن المفهوم منه التزويج بأجنبي . وإن قالت : زوجني نفسك ، حكى البغوي عن بعض الأصحاب : أنه يجوز للقاضي تزويجه إياها . قال : وعندي لا يجوز ، لأنها إنما أذنت له ، لا للقاضي .

قلت : الصواب الجواز ، لأن معناه : فوض إلى من يزوجك إياي . - والله أعلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية