صفحة جزء
فرع

لو نكح السفيه بغير إذن الولي ، فنكاحه باطل ، ويفرق بينهما . فإن كان دخل بها ، فلا حد ، للشبهة . وفي المهر أوجه . أصحها : لا يجب ، كما لو اشترى شيئا فأتلفه . وفيه إشكال من جهة أن المهر حق المرأة ، وقد تزوج ولا علم لها بحال الزوج . والثاني : يجب مهر المثل . والثالث : يجب أقل ما يتمول .

قلت : وإذا لم نوجب شيئا ، ففك الحجر ، فلا شيء [ عليه ] على المذهب ، كالصبي إذا وطئ ثم بلغ . وحكى الشاشي فيه وجهين . - والله أعلم - .

فرع

قال الأكثرون : يشترط في نكاح السفيه حاجته إليه ، وإلا ، فهو إتلاف ماله بلا فائدة ، وبنوا على هذا أنه لا يزوجه إلا واحدة كالمجنون . قالوا : والحاجة بأن تغلب شهوته ، أو احتاج إلى من يخدمه ولم تقم محرم بخدمته ، وكانت مؤن الزوجة أخف من ثمن جارية ومؤنها ، ولم يكتفوا في الحاجة بقول السفيه ، لأنه قد يقصد إتلاف المال ، بل اعتبروا ظهور الأمارات الدالة على غلبة الشهوة . وحكى الإمام وجها أنه يجوز تزويجه بالمصلحة كالصبي ، ولم يعتبر الإمام والغزالي ظهور أمارات الشهوة ، واكتفيا فيها بقول السفيه . [ ص: 100 ] فرع

إذا طلب السفيه النكاح مع ظهور أمارة الحاجة إن اعتبرناه ، أو دونه إن لم نعتبره ، وجب على الولي إجابته . فإن امتنع فتزوج السفيه بنفسه ، فقد أطلق الأصحاب في صحة النكاح وجهين . أصحهما عند المتولي : لا يصح . وقال الإمام والغزالي : إذا امتنع الولي ، فليراجع السفيه السلطان كالمرأة المعضولة . فإن خفت الحاجة ، وتعذرت مراجعة السلطان ، ففي استقلال السفيه حينئذ الوجهان .

فرع

يصح طلاق المحجور عليه ، فإن كان مطلاقا ، سري بجارية .

فرع

الكلام فيمن يلي أمر السفيه ، سبق في الحجر . وذكر أبو الفرج الزاز : أنه إن بلغ رشيدا ، ثم طرأ السفه ، فنكاحه متعلق بالسلطان . وإن بلغ سفيها ، فهل يفوض إلى السلطان ، أم إلى الأب والجد ؟ وجهان . وأطلق ابن كج أنه يزوجه القاضي ، وأنه إن جعله في حجر إنسان ، زوجه الذي هو في حجره . وقال الإمام : إن فوض إلى القيم التزويج ، زوج ، وإلا ، فلا .

قلت : الأصح أنه إن كان له أب أو جد ، فالتزويج إليه ، وإلا ، فلا يجوز أن يزوجه إلا القاضي ومن فوض إليه القاضي تزويجه . وممن صرح بهذا التفصيل وجزم به ، الشيخ أبو محمد في شرح " المختصر " . - والله أعلم - .

[ ص: 101 ] فرع

قال البغوي : إقرار السفيه بالنكاح لا يصح ، لأنه ليس ممن يباشره ، وهذا قد يشكل بإقرار المرأة .

فرع

للمحجور عليه بفلس النكاح ، وتكون مؤنه في كسبه ، لا فيما في يده .

السبب الخامس : الرق . فنكاح العبد بغير إذن سيده باطل ، وبإذنه صحيح ، سواء كان سيده رجلا أو امرأة . ويجوز إذن سيده في امرأة معينة ، أو واحدة من القبيلة ، أو البلدة ، ويجوز مطلقا . وإذا قيد ، فعدل العبد عن المأذون فيه ، لم يصح نكاحه . وحكى الحناطي وجها أنه إن كان قدر مهرا ، فنكح غير المعينة به ، أو بأقل ، صح ، والصحيح الأول . وإذا أطلق الإذن ، فله نكاح حرة أو أمة ، وفي تلك البلدة أو غيرها ، وللسيد منعه من الخروج إلى البلدة الأخرى . ولو قدر مهرا ، فزاد ، فالزيادة في ذمته ، يطلب بها إذا عتق . ولو نكح بالمقدر امرأة مهرها أقل ، فقد ذكر الحناطي فيه ثلاثة احتمالات . أصحها : صحة النكاح ، ووجوب المسمى في الحال . والثاني : أن الزيادة على مهر مثلها ، يطلب بها إذا عتق . والثالث : بطلان النكاح . ولو رجع عن الإذن ولم يعلم به العبد حتى نكح ، فهو على الخلاف في الوكيل ، كذا ذكره ابن كج . ولو طلق العبد بعدما نكح بإذن سيده ، لم ينكح أخرى إلا بإذن جديد . ولو نكحها نكاحا فاسدا ، فهل له نكاح أخرى ؟ فيه خلاف مبني على أن الإذن يتناول الفاسد ، أم يختص بالصحيح ، ولهذا أصل سيأتي إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية