صفحة جزء
فصل

عتق الأمة تحت عبد ، يثبت لها الخيار في فسخ النكاح كما سيأتي في الباب الآتي إن شاء الله تعالى . والغرض هنا بيان عتق المشركة مع إسلامها ، فإذا نكح عبد كافر أمة ، ثم أسلما وعتقت ، نظر ، إن عتقت بعد اجتماع الإسلامين ، فهي كسائر الإماء يعتقن تحت العبيد ، وليس هذا من صور الفصل ، وإن عتقت قبل اجتماع الإسلامين وهي مدخول بها ، فلها حالان .

أحدهما : أن تسلم هي أولا وتعتق ، ويتخلف الزوج ، فليس لها الإجازة ، سواء عتقت ثم أسلمت ، أو أسلمت ثم عتقت ، لأنها معرضة للبينونة ، ولا يبطل بهذه الإجازة حقها من الفسخ . وإن اختارت الفسخ في الحال ، جاز ، فإذا فسخت ، [ ص: 162 ] فإن أسلم الزوج قبل انقضاء مدة عدتها ، فعدتها من وقت الفسخ ، وتعتد عدة حرة ، فإن لم تسلم حتى انقضت مدة عدتها ، فعدتها من وقت إسلامها . ويلغو الفسخ بحصول الفرقة قبله ، وتعتد عدة حرة إن عتقت ثم أسلمت . وإن أسلمت ثم عتقت ، فهي أمة عتقت في أثناء عدتها ، فهل تعتد عدة حرة ، أم عدة أمة ؟ فيه طريقان ، أقربهما إلى نص الشافعي - رضي الله عنه - وبه قطع في الشامل وغيره : أنها كالرجعية تعتق في أثناء العدة ، والمذهب فيها الاقتصار على عدة أمة ، وموضع بيانهما " كتاب العدد " . ولو أرادت تأخير الفسخ إلى أن تبين حال الزوج ، جاز ، ولا يبطل خيارها ، كالرجعية إذا عتقت في العدة والزوج رقيق . ثم إن لم يسلم الزوج حتى انقضت مدة العدة ، سقط الخيار ، وعدتها من وقت إسلامها وهي عدة حرة إن عتقت ثم أسلمت ، وإن أسلمت ثم عتقت ، فهل هي عدة حرة ، أم أمة ؟ فيه الطريقان . وإن أسلم الزوج ، فلها الفسخ ، وتعتد من وقت الفسخ عدة حرة .

الحال الثاني : أسلم وتخلفت ، فلها الخيار على الصحيح ، لتضررها برقه . وقيل : لا خيار لها ، لأن خيار العتق من أحكام الإسلام ، وهي كافرة ، فلا يثبت لها . فإذا قلنا بالصحيح ، فلها تأخير الفسخ والإجازة ، ثم إن أسلمت قبل مضي العدة وفسخت ، اعتدت من وقت الفسخ عدة حرة . وإن لم تسلم حتى انقضت ، تبينا حصول الفرقة من وقت إسلام الزوج . وهل تعتد عدة حرة ، أم أمة ؟ فيه الطريقان . وهنا أولى بإلحاقها بالأمة ، لأنها بائن ليس بيد الزوج من أمرها شيء . ولو أجازت قبل أن تسلم ، لم تصح إجازتها على الصحيح ، لأنها معرضة للبينونة . ولو فسخت ، نفذ الفسخ على الصحيح وقول الأكثرين ، كالحالة الأولى . وقيل : لا ينفذ ، وبه قال ابن سلمة . وهو ظاهر نقل المزني ، لكنه مؤول عند الجمهور . [ ص: 163 ] فرع

أسلم الزوج الرقيق ، هل لزوجته الكافرة خيار ؟ وجهان . أصحهما على ما قال الإمام والمتولي : لا ، لأنها رضيت برقه ولم يحدث فيها عتق ، والثاني : نعم ، وهو ظاهر نصه ، لأن الرق نقص في الإسلام ، وليس كبير نقص في الكفر . قال الداركي : الخلاف في أهل الحرب ، أما الذمية مع الذمي ، فلا خيار لها قطعا ; لأنها رضيت بأحكامنا . واعلم أن الوجهين جاريان سواء كانت الزوجة حرة أو أمة ، وسواء أسلمت أو لم تسلم إذا كانت كتابية ، كذلك قال البغوي وغيره ، وفي " الوسيط " ذكر الوجهين فيما إذا أسلمت الحرة ، وليس هو بقيد ، فاعلم ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية