صفحة جزء
القسم الثالث : إذا تغير الصداق بالزيادة والنقص معا ، إما بسبب واحد ، بأن أصدقها عبدا صغيرا فكبر ، فإنه نقص بسبب نقص القيمة ، ولأن الصغير يدخل على النساء ، ولا يعرف الغوائل ، ويقبل التأديب والرياضة ، وفيه زيادة بقوته على الشدائد والأسفار ، وحفظ ما يستحفظه . وكما إذا أصدقها شجرة فكبرت فقل ثمرها وزاد حطبها .

وإما بسببين ، بأن أصدقها عبدا فتعلم القرآن واعور ، فيثبت لكل منهما الخيار ، وللزوج أن لا يقبل العين لنقصها ، ويعدل إلى نصف القيمة ، ولها أن لا تبذلها لزيادتها وتدفع نصف القيمة . فإن اتفقا على رد العين ، جاز ، ولا شيء لأحدهما على الآخر . وليس الاعتبار بزيادة القيمة ، بل كل ما حدث وفيه فائدة مقصودة ، فهو زيادة من ذلك الوجه وإن نقصت القيمة كما ذكرنا في كبر العبد .

فرع

أصدقها جارية حائلا ، فحبلت في يدها وطلقها قبل الدخول ، فهو زيادة من وجه ونقص من وجه ، للضعف في الحال ، ولخطر الولادة . فإن لم يتفقا على نصف الجارية ، [ ص: 296 ] فالمعدول إليه نصف قيمة الجارية ، وليس لأحدهما إجبار الآخر . وحكى الحناطي وجها ، أن الزوج يجبر إذا رضيت برجوعه إلى نصف الجارية حاملا بناء على أن الحمل لا يعرف ، ومقتضى هذا أن تجبر هي أيضا إذا رغب الزوج في نصفها حاملا ، والصحيح الأول . وأما الحمل في البهيمة ، فكالجارية . وقيل : زيادة محضة ، إذ لا خطر فيه ، والأول أصح ; لأنه لا يحمل عليها حاملا ما يحمل حائلا ، ولأن لحم الحامل أردأ .

فرع

أصدقها أرضا فحرثتها ، فإن كانت الأرض معدة للزراعة ، فزيادة محضة . وإن كانت معدة للبناء ، فنقص محض ، فحينئذ إن أراد الرجوع إلى نصف عينها ، مكن ، وإن أبى ، رجع إلى نصف القيمة بلا حراثة . وإن زرعتها ، فنقص محض ، فإن اتفقا على الرجوع إلى نصف العين وترك الزرع إلى الحصاد ، فذاك . قال الإمام : وعليه إبقاؤه بلا أجرة ; لأنها زرعت ملكها الخالص . وإن رغب فيها الزوج وامتنعت ، أجبرت . وإن رغبت هي ، فله الامتناع ، ويأخذ نصف قيمة الأرض . فإن قالت : خذ نصف الأرض مع نصف الزرع ، ففي إجباره طريقان .

أحدهما : وجهان كما سنذكره إن شاء الله تعالى في الثمار . والثاني : القطع بالمنع ; لأن الزرع ليس من عين الصداق ، بخلاف الثمرة ، والمذهب المنع كيف كان . وإن طلقها بعد الحصاد ، وبقي في الأرض أثر العمارة ، وكانت تصلح لما لا تصلح له قبل الزراعة ، فهي زيادة محضة ولو غرستها ، فكما لو زرعتها . لكن لو أراد أن يرجع في نصف الأرض ويترك الغراس ، ففيه وجه أنها لا تجبر ; لأن الغراس للتأبيد . وفي إبقائه في ملك الغير ضرر . ولو طلقها والأرض مزروعة أو مغروسة ، [ ص: 297 ] فبادرت بالقلع ، نظر ، إن بقي في الأرض نقص لضعفها بهما وهو الغالب ، فهو على خيرته ، وإلا انحصر حقه في الأرض .

التالي السابق


الخدمات العلمية