صفحة جزء
الطرف الخامس : في المسافرة بهن . إذا أراد المسافرة ببعض زوجاته ، أقرع بينهن ، فيسافر بمن خرجت قرعتها ، ولا يقضي مدة السفر ، وإنما يسقط القضاء بشروط .

أحدها : أن يقرع ، فإن لم يقرع ، لزمه القضاء للمخلفات . وهل يقضي جميع ما بين إنشاء السفر إلى رجوعه إليهن ، أم تستثنى مدة الرجوع لخروجه عن المعصية ، أم يسقط قضاء ما بعد العزم على الرجوع ؟ فيه أوجه . أصحها : الأول ، وما ذكرناه من تحريم المسافرة ببعضهن بلا قرعة ، سواء فيه كان يقسم لهن أم لا .

وأشار الحناطي إلى خلاف في اختصاصه بمن كان يقسم ، والمذهب الأول . وإذا خرجت القرعة لواحدة ، لم يجز أن يسافر بغيرها ، ويجوز أن يخلفها مع الباقيات .

الشرط الثاني : أن لا يقصد بسفره النقلة ، وأما سفر النقلة فلا يجوز أن يستصحب فيه بعضهن دون بعض ، بقرعة ولا بغيرها . فلو فعل ، قضى للمخلفات . وقيل : لا يقضي مدة السفر إن أقرع ، والصحيح الأول .

ولو نقل بعضهن بنفسه ، وبعضهن بوكيله بلا قرعة ، قضى لمن مع الوكيل ، ويجوز ذلك بالقرعة ، كذا ذكرهالبغوي .

قلت : وفي القضاء في هذه الصورة وجهان في " التنبيه " وغيره ، أصحهما : يجب لاشتراكهن في السفر . والله أعلم .

[ ص: 363 ] وإذا أخذ في الرجوع إليهن بعد تخصيص واحدة بالنقل ، ففي قضاء مدة الرجوع الوجهان ، ولا يجوز أن يسافر سفر نقلة ويخلف نساءه ، بل ينقلهن بنفسه أو بوكيله ، أو يطلقهن لما في تخليفهن من الإضرار بهن ، هكذا أطلقه الغزالي قال : وإنما لا يكلف في الحضر البيتوتة اكتفاء بداعيته .

وفي ما علق عن الإمام ، أن ذلك أدب وليس بواجب .

الشرط الثالث : أن يكون السفر طويلا . فإن كان قصيرا ، فوجهان . أصحهما عند البغوي والمتولي وغيرهما : أنه كالطويل . والثاني : لا يجوز أن يستصحب بعضهن فيه بقرعة ، ولو فعل قضى .

الشرط الرابع : أن لا يعزم على الإقامة ، فلا يقضي مدة السفر . وأما إذا صار مقيما ، فينظر ، إن انتهى إلى مقصده الذي نوى إقامة أربعة أيام فأكثر فيه ، أو نواها عند دخوله ، قضى مدة إقامته ، وفي مدة الرجوع وجهان .

أصحهما : لا يقضي كمدة الذهاب . وإن لم ينو الإقامة وأقام ، فقال الإمام والغزالي : إن أقام يوما ، لم يقضه ، والأقرب ما ذكره البغوي : إن زاد مقامه في بلد على مقام المسافرين ، وجب قضاء الزائد . ولو أقام لشغل ينتظره ، ففي القضاء خلاف كالخلاف في الترخص .

قال المتولي : إن قلنا : يترخص ، لم يقض ، وإلا فيقضي ما زاد على مدة المسافرين ، والقياس في مدة الرجوع في هذه الحالة أن يقال : إن لم نوجب القضاء مدة هذه الإقامة ، لم يقض مدة الرجوع ، وإلا فعلى الوجهين السابقين ، والمذهب من الخلاف في الترخص أنه إن كان يتوقع تنجيز شغله ساعة ساعة ، ترخص ثمانية عشر يوما . وإن علم أنه لا ينجز في أربعة أيام لا يترخص أصلا .

[ ص: 364 ] فرع

قال الغزالي : شرط عدم القضاء ، أن يكون سفرا طويلا مرخصا ، وهذا يقتضي وجوب القضاء في سفر المعصية .

فرع

استصحب واحدة بقرعة ، ثم عزم على الإقامة في بلد ، وكتب إلى الباقيات يستحضرهن ، ففي وجوب القضاء من وقت كتابته وجهان حكاهما البغوي .

وفي فتاويه ، أنه لو نوى المقام في بلد قبل وصوله مقصده ، يقضي مدة مقامه فيه ، وهل يقضي مدة ذهابه إلى المقصد بعد ذلك ؟ يحتمل أن يكون على الوجهين في مدة الرجوع ، ويحتمل أن يقال : يقضي قطعا .

وأنه إذا استصحب واحدة بلا قرعة قضى للباقيات جميع المدة وإن كان لا يبيت معها ، إلا إذا تركها في بلد وفارقها ، ويحتمل أن يقال : لا يقضي إلا ما بات عندها ، ويحتمل أن يقال : يقضي وإن خلفها في بلد .

وفيما علق عن الإمام ذكر وجهين فيما لو استصحب واحدة بقرعة في سفر نقلة وأوجبنا القضاء ، هل يخرج من الظلم بتغير عزم النقلة ، أم يستمر حكمه إلى أن يرجع إلى المخلفات .

التالي السابق


الخدمات العلمية