صفحة جزء
الركن الثاني : المختلع يشترط في قابل الخلع من الزوجة والأجنبي ، أن يكون مطلق التصرف في المال ، صحيح الالتزام .

وللحجر أسباب . أحدها : الرق . فإن اختلعت الأمة نفسها بغير إذن سيدها ، نظر إن اختلعت بعين ماله ، فقولان . أحدهما : يقع الطلاق رجعيا كالسفيهة ، والمشهور أنه يقع بائنا كالخلع على خمر ، وهل المستحق عليها مهر المثل أم بدل العين ؟ قولان .

أظهرهما : الأول . وإن اختلعت على دين ، بانت . وهل عليها المسمى أم مهر المثل ؟ وجهان ، أو قولان .

أصحهما : الأول ، وبه قطع [ ص: 385 ] العراقيون ، واختاره القفال والشيخ أبو علي ، ثم ما ثبت عليها باختلاعها يتعلق بذمتها تطالب به بعد العتق لا في الحال .

أما إذا اختلعت بإذن سيدها ، فإما أن يبين العوض ، وإما أن يطلق . فإن بين ، نظر ، إن كان عينا من ماله ، نفذ الخلع ، واستحق الزوج تلك العين ، وإن قدر دينا ، بأن قال : اختلعي بألف ففعلت ، تعلق الألف بكسبها كمهر زوجة العبد . وإن زادت على ما قدر ، فالزيادة في ذمتها .

وإن قال : اختلعي بما شئت ، اختلعت بمهر المثل ، وبالزيادة إن شاءت ، وتعلق الجميع بكسبها ، ذكره البغوي . وإن أطلق الإذن ، اقتضى مهر المثل .

فإن لم تزد عليه ، ففي كسبها ، وإلا فالزيادة في ذمتها ، وما يتعلق بكسبها يتعلق بما في يدها من مال التجارة إن كانت مأذونا لها .

وإن جرى الخلع بإذن السيد والعوض دين ، ففي كون السيد ضامنا له الخلاف السابق في مهر زوجة العبد .

فرع



[ اختلاع المكاتبة ] بغير إذن سيدها ، كاختلاع الأمة بغير إذنه . وإن اختلعت بإذنه ، فالمذهب والمنصوص هنا أنه كاختلاعها بغير إذن . وقيل : كاختلاع الأمة بالإذن ، ولا يكون السيد هنا ضامنا بلا خلاف .

فرع

اختلاع السيد أمته التي هي تحت حر ، أو مكاتب على رقبتها ، قال إسماعيل [ ص: 386 ] البوشنجي : تحصلت فيه بعد إمعان النظر على وجهين .

أحدهما : تحصل الفرقة بمهر المثل . وأصحهما : لا يصح الخلع أصلا .

السبب الثاني : الحجر بالسفه .

فإذا قال لزوجته المحجور عليها لسفه : خالعتك أو طلقتك على ألف فقبلت ، وقع الطلاق رجعيا ، سواء فعلت ذلك بإذن الولي أم بغير إذنه ، ولا يلزمها المال ، وليس للولي صرف مالها في الخلع .

فإن لم تقبل ، لم يقع الطلاق ؛ لأن الصيغة تقتضي القبول ، فأشبه الطلاق المعلق على صفة .

ولو قال لها : طلقتك على ألف إن شئت [ فقالت على الاتصال : شئت ] وقع الطلاق رجعيا .

ولو بدأت فقالت : طلقني على كذا فأجابها ، وقع طلاق رجعي أيضا .

فرع

له زوجتان : رشيدة ومحجور عليها بسفه ، فقال : طلقتكما على كذا ، فقبلتا ، طلقت الرشيدة بائنا ، وعليها مهر المثل على الأظهر ، وطلقت السفيهة رجعيا ، وإن قبلت إحداهما ، لم يقع عليهما شيء . ولو كانتا سفيهتين ، فقال : طلقتكما على ألف فقبلتا ، وقع الطلاق عليهما رجعيا .

وإن قبلت إحداهما ، لم يقع شيء . ولو بدأتا فقالتا : طلقنا بألف فطلقهما ، وقع الطلاق على السفيهة رجعيا ، وعلى الرشيدة بائنا .

وإن أجاب السفيهة ، وقع عليها رجعيا ، وإن أجاب الرشيدة ، وقع بائنا . وقوله : أنتما طالقان على ألف إن شئتما ، كقوله : طلقتكما على ألف في جميع ذلك .

السبب الثالث : الجنون والصغر ، فقبول مجنونة وصغيرة لا تمييز لهما لغو [ ص: 387 ] وقول الزوج لها : أنت طالق على كذا لغو . ولو قال ذلك لصغيرة مميزة فقبلت ، فهل يقع طلاق رجعي أم لا يقع شيء ؟ وجهان . رجح الإمام والغزالي المنع ، والبغوي الوقوع .

السبب الرابع : المرض . فإذا اختلعت في مرض موتها ، نظر ، إن كان بمهر المثل ، نفذ ولم يعتبر من الثلث ، وإن كان بأكثر ، فالزيادة كالوصية للزوج ، فيعتبر من الثلث ولا يكون كالوصية للوارث لخروجه بالخلع عن الإرث .

ولو اختلعت بعبد قيمته مائة ، ومهر مثلها خمسون ، فقد حابت بنصف العبد ، فينظر ، إن خرجت المحاباة من الثلث ، فالعبد كله للزوج عوضا ووصية . وحكى الشيخ أبو حامد وجها ، أنه بالخيار بين أن يأخذ العبد ، وبين أن يفسخ العقد فيه ويرجع إلى مهر المثل ؛ لأنه دخل في العقد على أن يكون [ العبد ] كله عوضا .

والصحيح الأول ، إذ لا نقص ولا تشقيص . وإن لم يخرج من الثلث ، بأن كان عليها دين مستغرق ، لم تصح المحاباة ، والزوج بالخيار بين أن يمسك نصف العبد وهو قدر مهر المثل ، ويرضى بالتشقيص ، وبين أن يفسخ المسمى ويضارب الغرماء بمهر المثل .

وإن كان لها وصايا أخر ، فإن شاء الزوج أخذ نصف العبد وضارب أصحاب الوصايا في النصف الآخر . وإن شاء فسخ المسمى وتقدم بمهر المثل على أصحاب الوصايا ، ولا حق له في الوصية ؛ لأنها كانت في ضمن المعاوضة وقد ارتفعت بالفسخ .

وإن لم يكن دين ولا وصية ولا شيء لها سوى ذلك العبد ، فالزوج بالخيار ، إن شاء أخذ ثلثي العبد ، نصفه بمهر المثل ، وسدسه بالوصية ، وإن شاء فسخ وليس له إلا مهر المثل .

[ ص: 388 ] فرع

مرض الزوج لا يؤثر في الخلع ، فيصح خلعه في مرض الموت بدون مهر المثل ؛ لأن البضع لا يبقى للوارث لو لم يخالع ، كما لو أعتق مستولدته في مرض الموت ، لا يعتبر من الثلث ، ولأنه لو طلق بلا عوض لم يعتبر قيمة البضع من الثلث .

التالي السابق


الخدمات العلمية