صفحة جزء
الباب الرابع في سؤال المرأة الطلاق بمال ، باختلاع الأجنبي .

فيه أطراف .

الأول : في ألفاظها وفيه مسائل .

الأولى : إذا قالت : طلقني بكذا ، أو على كذا ، أو على أن علي كذا ، أو على أن أعطيك كذا ، أو أن أضمن لك ، أو إن طلقتني ، أو إذا طلقتني ، أو متى طلقتني ، فلك علي كذا ، فهذه كلها صيغ صحيحة في الالتزام ، ويختص الجواب في [ ص: 416 ] المجلس بلا خلاف ، في " متى " وغيرها ، بخلاف قول الرجل : متى أعطيتني ، وقد سبق الفرق .

الثانية : قالت : إن طلقتني فابرأ من صداقي ، أو فقد أبرأتك ، فقال : طلقتك ، وقع الطلاق رجعيا ولم يبرأ من الصداق ؛ لأن الإبراء لا يصح تعليقه ، وطلاق الزوج طمعا في البراءة من غير لفظ صحيح في الالتزام لا يوجب عوضا ، وهذا تفريع على الجديد ، الأظهر أن تعليق الإبراء لا يصح ، وكان لا يبعد أن يقال : طلق طمعا في عوض ، ورغبت هي في الطلاق بالبراءة فيكون فاسدا كالخمر .

الثالثة : قالت : طلقني ولك علي ألف ، فقال طلقتك ، بانت ولزمها الألف ؛ لأنها صيغة التزام . وقيل : لا يثبت العوض ، بل إن اقتصر على قوله : طلقتك ، وقع رجعيا ، وإن قال : طلقتك على ألف ، احتاج إلى قبولها ، والصحيح الأول .

قال المتولي : ويقرب من هذا قولها : طلقني وأضمن لك ألفا . ولو قالت : وأعطيك ألفا ، فالأصح أنه إذا طلقها مطلقا ، وقع رجعيا ؛ لأن لفظ الضمان يشعر بالالتزام ، بخلاف الإعطاء ولم يطردوا الوجه المذكور هنا في الجعالة ، بل لو قال : رد عبدي ولك علي كذا ، فرده ، لزم المال بلا خلاف ، ولو قال المشتري : بعني هذا ولك علي كذا ، فقال : بعت ، فوجهان : أحدهما : ينعقد كالاختلاع والجعالة ، وهذا هو المذكور في فتاوى القفال ، والثاني : لا ؛ لأنه يحتمل فيها ما لا يحتمل في البيع ، كالتعليق ، وفيما علق عن الإمام ، أن هذا أصح .

ويشبه أن يكون الوجهان في أنه هل هو صريح ؟ فأما كونه كناية ، فينبغي أن يكون متفقا عليه .

الرابعة : قالت : طلقني على ألف ، أو أتت بصيغة أخرى صريحة في الالتزام ، [ ص: 417 ] فإن أجابها وأعاد ذكر المال ، فذاك ، وإن اقتصر على قوله : طلقتك ، كفى وانصرف إلى السؤال على الصحيح ، وقيل : يقع الطلاق رجعيا ولا مال .

ولو قال : قصدت الابتداء دون الجواب ، قبل وكان رجعيا ، فإن اتهمته ، حلفته .

الخامسة : اللفظ الدائر بين الزوجين ، إن كان صريحا منهما ، فذاك ، وإن كان لفظهما كناية ، بأن قالت : أبني ، قال : أبنتك ، فإن نويا الطلاق ، نفذ ولزم المال إن ذكرا مالا .

وإن لم ينو الزوج ، فلا فرقة ، وإن نوى دونها ، نظر ، إن جرى ذكر المال في السؤال والجواب ، لم يقع الطلاق ؛ لأنه ربط الطلاق بالمال وهي لم تسأل الفراق ، ولم تلتزم المال في مقابلته ، وإن لم يجر ذكر المال في الطرفين وقع طلاق رجعي ، وإن ذكر هو المال دونها ، فلا طلاق ؛ لأنها لم تسأل فرقة ، وهو إنشاء فرقة على مال ، ولم يتصل به قبول .

وإن ذكرت هي المال ، فقالت : أبني على ألف ، فقال : أبنتك ، فلا طلاق على الأصح ، كما لو ذكر المال . وقيل : يقع رجعيا كما لو قال : قصدت الابتداء دون الجواب ، فإنه يقع رجعيا قطعا .

أما إذا كان لفظ أحدهما صريحا والآخر كناية ، فالكناية مع النية كالصريح ، ودون النية لغو .

وعن ابن خيران ، أنها لو قالت : طلقني فقال : أبنتك ونوى ، لم يقع ؛ لأن الصريح أقوى ، فالمأتي به غير المسئول ، والصحيح الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية