صفحة جزء
المسألة الخامسة : قال : أنت طالق ثلاثا في كل قرء طلقة ، أو أنت طالق في كل قرء طلقة ، فلها ثلاثة أحوال .

أحدها : أن تكون حائلا من ذوات الأقراء ، وهي إما غير ممسوسة ، وإما ممسوسة ، فإن كانت غير ممسوسة ، نظر إن كانت حائضا ، لم تطلق على الصحيح . وقال الشيخ أبو حامد : تقع طلقة في الحال ، لأنها مخاطبة بالعدة ، فحيضها كطهرها ، وإن كانت طاهرا طلقت في الحال واحدة وبانت ، فلا تلحقها الثانية والثالثة فإن جدد نكاحها قبل الطهر الثاني ، ففي وقوع الثانية والثالثة قولا عود اليمين والحنث . وإن جدد النكاح بعد الطهرين ، لم يقع شيء لانحلال اليمين ، وإن كانت ممسوسة ، وقع في كل قرء طلقة ، سواء جامعها فيه أم لا ، وتكون الطلقة سنية إن لم يجامعها فيه ، وبدعية إن جامعها ، وتشرع في العدة بالطلقة الأولى . وهل يجب استئناف العدة للثانية والثالثة ؟ قولان مذكوران في العدة أظهرهما الوجوب .

الحال الثاني : أن تكون حاملا فإن كانت لا ترى الدم ، وقعت في الحال [ ص: 16 ] طلقة . قال المتولي : فلو لم تحض قط وبلغت بالحمل مثلا ، ففي وقوع الطلاق عليها وجهان ، أو قولان بناء على أن القرء هو الطهر بين دمين أو الانتقال من نقاء إلى دم ، إن قلنا بالأول ، لم تطلق حتى تضع وتطهر من نفاسها ، وإن قلنا بالثاني وهو الأظهر ، وقع . وإذا وقعت الطلقة ، فإن راجعها قبل الوضع ، وقعت أخرى إذا طهرت من النفاس ، وعليها استئناف العدة سواء وطئها بعد الرجعة أم لا ، بلا خلاف . وإن لم يراجعها ، انقضت عدتها بالوضع بأن جدد نكاحها قبل تمام الأقراء ، عاد قولا عود الحنث . وإن كانت ترى الدم على الحمل ، فإن قلنا : إنه ليس بحيض ، فهو كما لو لم تره ، فتطلق في الحال . وحكى الحناطي وجها ، أنها لا تطلق . إن وافق قوله وقت الدم حتى تطهر ، وإن جعلناه حيضا ووافق قوله النقاء ، طلقت في الحال طلقة ، وإن وافق الدم ، فوجهان . أحدهما ، وهو قول الشيخ أبي حامد ، وصححه العراقيون : تطلق أيضا ، لأن مدة الحمل كالقرء الواحد . والثاني وهو الأصح وبه قطع القاضي أبو الطيب والحناطي ، ورجحه المتولي وغيره : لا تطلق حتى تطهر . وإذا وقعت طلقة في الحيض أو الطهر ، فهل يتكرر في الطهر الثاني والثالث ؟ وجهان : أصحهما : لا ، وبه قطع بعضهم ، لأن القرء ما دل على البراءة .

الحال الثالث : أن تكون صغيرة ، فيبنى على أن القرء طهر يحتوشه دمان ، أم هو الانتقال من نقاء إلى حيض ؟ إن قلنا بالأول ، لم تطلق حتى تحيض وتطهر ، ولا يؤمر الزوج باجتنابها في الحال ، وإن قلنا بالثاني ، فالذي أطلقه العراقيون والبغوي وغيرهم ، أنه يقع في الحال طلقة . وقال المتولي والسرخسي : يؤمر باجتنابها لأن الظاهر أنها ترى الدم ، فإن رأته ، تبينا وقوع الطلاق يوم اللفظ ، وإن [ ص: 17 ] ماتت قبل رؤية الدم ، ماتت على النكاح فعلى الأول ، لو لم تحض ولم يراجعها حتى مضت ثلاثة أشهر ، حصلت البينونة ، فإن نكحها بعد ذلك ، ورأت الدم ، عاد الخلاف في عود الحنث ، وإن رأت الدم قبل مضي ثلاثة أشهر ، تكرر الطلاق بتكرر الأطهار . وعن صاحب " التقريب " وجه غريب ، أن الأقراء في الصغيرة تحمل على الأشهر ، والآيسة التي انقطع حيضها كالصغيرة ، ففي وقوع الطلاق عليها الخلاف . قال السرخسي : إن قلنا : القرء : هو الانتقال ، وقع في الحال وإلا فلا ، فإن حاضت بعد ، تبينا الوقوع ، والأصح عند الأصحاب ، الوقوع في الصغيرة والآيسة .

فرع

قال : أنت طالق في كل قرء طلقة للسنة ، فهو كما لو لم يقل للسنة في أكثر الأحكام والأحوال ، لكن ذات الأقراء إذا كانت طاهرا ، أو كان جامعها في ذلك الطهر ، يتأخر وقوع الطلاق إلى أن تحيض ثم تطهر .

فرع

قال : أنت طالق في كل طهر طلقة وكانت حاملا لا ترى دما ، أو تراه ولم نجعله حيضا ، وقع في الحال طلقة سواء كانت ترى الذي في ذلك الحال أم لا ، ولا يتكرر بتكرر الانقطاعات ، وإن كانت ترى الدم وجعلناه حيضا ، فإن كانت في حال رؤية الدم ، لم تطلق حتى تطهر ، وإلا وقع في الحال وتكرر بتكرر الأطهار .

التالي السابق


الخدمات العلمية