صفحة جزء
فصل

[ ص: 199 ] عن الشيخ أبي عاصم العبادي أنه لو قال : أنت طالق ، يا طالق ، لا طلقتك ، وقع طلقتان . وأنه لو قال : إن وطأت أمتي بغير إذنك فأنت طالق ، فاستأذنها ، فقالت : طأها في عينها ، لا يكون إذنا . وأنه لو كان له أمة وزوجة حرة ، فدعا الأمة إلى فراشه ، فحضرت الحرة ، فوطئها ، فقال : إن لم تكوني أحلى من الحرة فهي طالق وهو يظنها الأمة ، فقال أبو حامد المروزي : تطلق ، لأنها هي الحرة ، فلا تكون أحلى من الحرة ، وحكى أبو العباس الروياني وجها أنها لا تطلق لأن عنده أنه يخاطب غيرها ، وهذا أصح ، وبه أفتى الحناطي .

فصل

سئل القاضي حسين عمن حلف بالطلاق ليقرأن عشرا من أول سورة البقرة بلا زيادة ، ويقف ، وللقراء اختلاف في رأس العشر ، فقال : ما أدى إليه اجتهاد المفتي أخذ به المستفتي .

وعن امرأة صعدت بالمفتاح السطح ، فقال : إن لم تلقي المفتاح فأنت طالق ، فلم تلقه ونزلت ، قال : لا يقع الطلاق ، ويحمل قوله : إن لم تلقه على التأبيد ، كما قال أصحابنا فيمن دخل عليه صديقه فقال : تغد معي ، فامتنع فقال : إن لم تتغد معي فامرأتي طالق ، فلم يفعل ، لا يقع الطلاق ولو تغدى بعد ذلك معه ، وإن طال الزمان ، انحلت اليمين . فإن نوى أن يتغدى معه في الحال ، فامتنع ، وقع الطلاق ، ورأى البغوي حمل المطلق على الحال للعادة .

[ ص: 200 ] وأنه لو قال : إن لم تبيعي هذه الدجاجات فأنت طالق ، فقتلت واحدة منهن ، طلقت لتعذر البيع ، وإن جرحتها ثم باعتها ، فإن كانت بحيث لو ذبحت لم تحل ، لم يصح البيع ، ووقع الطلاق ، وإلا فتنحل اليمين .

وأنه لو قال : إن قرأت سورة البقرة في صلاة الصبح فأنت طالق ، فقرأها ، ثم فسدت صلاته في الركعة الثانية ، لم تطلق على الصحيح ، لأن الصلاة عبادة واحدة يفسد أولها بفساد آخرها .

وأنه لو قال : مهما قبلتك فضرتك طالق ، فقبلها بعد موتها ، لم تطلق الضرة ، ولو قال لوالدته : متى قبلتك فامرأتي طالق ، فقبلها بعد موتها ، طلقت امرأته . والفرق أن قبلة المرأة قبلة بشهوة ، ولا شهوة بعد الموت ، وقبلة الأم قبلة كرامة ، فيستوي فيها الحياة والموت . وأنه لو قال : إن غسلت ثوبي فأنت طالق ، فغسلته أجنبية ، ثم غمسته المحلوف بطلاقها في الماء تنظيفا له ، لم تطلق لأن العرف في مثل هذا يغلب .

والمراد في العرف ، الغسل بالصابون والأشنان ونحوهما ، وإزالة الوسخ . وقال غير القاضي : إن أراد الغسل من الوسخ ، لم تطلق ، وإن أراد التنظيف ، فلا ، فإن أطلق قال : لا أجيب فيه .

فصل

في فتاوى البغوي أنه لو طلقها ثلاثا ثم قال : كنت حرمتها على نفسي قبل الطلاق ، لم يقبل قوله .

وأنه لو قال : إن ابتلعت شيئا فأنت طالق ، فابتلعت ريقها ، طلقت . فإن قال : أردت غير الريق ، صدق في الحكم ، وإن قال : إن ابتلعت الريق ، [ ص: 201 ] طلقت بابتلاع ريقها وبريق غيرها . فإن قال : أردت ريقك خاصة ، قبل في الحكم . وإن قال : أردت ريق غيرك ، دين ولم يقبل في الحكم . وأنه لو قال : إن ضربتك فأنت طالق ، فقصد بالضرب غيرها ، فأصابها ، طلقت ، ولم يقبل قوله ، لأن الضرب يقين ويحتمل .

وأنه لو نادى أمه فقال : إن لم تجبني أمي فامرأتي طالق ، فإن رفعت الأم صوتها في الجواب [ بحيث ] يسمع في تلك المسافة ، لم تطلق ، وإلا فتطلق ، وأنه لو قال : إن دخلت على فلان داره ، فامرأتي طالق ، فجاء فلان وأخذ بيده وأدخله الدار ، فإن دخلا معا ، لم تطلق . وإن دخل فلان أولا ، طلقت .

وأنه لو حلف لا يخرج من البلد حتى يقضي دين فلان بالعمل ، فعمل له ببعض دينه وقضى الباقي من موضع آخر ثم خرج ، طلقت . فإن قال : أردت أني لا أخرج حتى أخرج إليه من دينه وأقضي حقه ، قبل قوله في الحكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية