صفحة جزء
الثالثة : قال : إن وطئتك ، فعبدي حر عن ظهاري ، فإن كان قد ظاهر ، صار مؤليا ، لأنه وإن لزمته كفارة الظهار ، فعتق ذلك العبد بعينه ، وتعجيل الإعتاق عن الظهار زيادة التزمها بالوطء ، ثم إذا وطئ في مدة الإيلاء أو بعدها ، فهل يعتق العبد عن الظهار ؟ وجهان . أصحهما : نعم ، وطرد الخلاف في سائر التعليقات ، كقوله : إن دخلت الدار ، فأنت حر عن ظهاري ، وأما إذا لم يكن ظاهر ، فلا إيلاء ولا ظهار فيما بينه وبين الله تعالى ، ولكنه مقر على نفسه بالظهار ، فيحكم في الظاهر بأنه مظاهر ومؤل ، ولا يقبل قوله : إن لم يكن مظاهرا ، وإذا وطئ عاد في وقوع العتق عن الظهار في الظاهر الوجهان .

ولو قال : إن وطئتك ، فعبدي حر عن ظهاري إن ظاهرت ، لم يكن مؤليا في الحال ، [ ص: 233 ] فإن ظاهر ، صار مؤليا ، لأن العتق يحصل حينئذ لو وطئ . وقيل : في كونه مؤليا في الحال قولان ، لقربه من الحنث ، كما لو قال لنسوة : والله لا جامعتكن ، والمذهب الأول . قال المتولي : ولو قال : إن وطئتك ، فعبدي حر إن ظاهرت ، ولم يقل : عن ظهاري ، كان مؤليا في الحال ، فإذا قلنا بالمذهب ، وهو أنه لا يصير مؤليا إلا إذا ظاهر ، فوطئ في مدة الإيلاء أو بعدها ، حصل العتق لوجود الظهار ، والوطء متأخر عنه ، ولا يقع هذا العتق عن الظهار باتفاق الأصحاب ، ولم لا يقع ؟ قال أبو إسحاق : لأن تعليق العتق سبق الظهار ، والعتق لا يقع عن الظهار إلا بلفظ يوجد بعده . وقال ابن أبي هريرة : لأنه لا يقع خالصا عن الظهار ، لتأدي حق الحنث به ، فأشبه عتق القريب بنية الكفارة ، والأول أصح عند الأصحاب ، وبنوا على التعليلين ما لو قال : إن وطئتك ، فعبدي حر عن ظهاري إن ظاهرت ، وكان ظاهر ونسي ، فيكون مؤليا في الحال ، وإذا وطئ ، عتق العبد عن الظهار على التعليل الأول دون الثاني .

فرع

قال : إن وطئتك ، فلله علي أن أعتق عبدي هذا عن ظهاري ، وكان ظاهر منها أو من غيرها ووجد العود ، فهل يكون مؤليا ؟ يبنى على أن من في ذمته إعتاق رقبة فنذر على وجه التبرر أن يعتق العبد الفلاني عما هو عليه ، هل يتعين ذلك العبد أم لا ؟ النص وقول الجمهور : يتعين ، واختار المزني : أنه لا يتعين ، وخرجه على أصل الشافعي - رحمه الله - ، وعد الإمام هذا قولا في المذهب وقال : تخريجه أولى من تخريج غيره . ونقل الإمام أن القاضي حسينا قال : لو نذر صرف زكاته إلى معينين من الأصناف ، تعينوا ، وأن الأكثرين قالوا : لا يتعينون ، وفرقوا بقوة العتق ، فإن قلنا : يتعين العبد المعين للإعتاق ، صار [ ص: 234 ] مؤليا في الحال ، وإلا فلا يكون مؤليا ، فإن صححنا الإيلاء ، فطلق بعد المطالبة خرج عن موجب الإيلاء ، وكفارة الظهار في ذمته ، فيعتق عنها ذلك العبد أو غيره . وإن وطئ في مدة الإيلاء أو بعدها ، لزمه ما يلزم في نذر اللجاج ، فإن قلنا : كفارة يمين ، نظر ، إن أطعم أو كسا ، فعليه الإعتاق عن الظهار ، وإن أعتقه أو عبدا آخر عن اليمين ، فعليه أيضا الإعتاق عن الظهار . وإن قلنا : عليه الوفاء بما سمى ، أو خيرناه فاختار الوفاء وأعتق ذلك العبد عن ظهاره ، خرج عن عهدة اليمين . وفي إجزائه عن الظهار وجهان . أصحهما : الإجزاء .

المسألة الرابعة : قال : إن وطئتك ، فأنت طالق أو فأنت ثلاثا ، فيطالب بعد مضي المدة . وفيما يطالب به ؟ وجهان ، أحدهما وبه قال ابن خيران : يطالب بالطلاق على التعيين ، ويمنع الوطء ، والثاني وهو الصحيح المنصوص : يطالب بالفيأة ، أو الطلاق ، ولا يمنع من الوطء بتعليق الطلاق ، ويقال له : عليك النزع بمجرد تغييب الحشفة ، فإن وطئ قبل المدة أو بعدها ، ونزع بمجرد تغيب الحشفة ، فذاك ، وإن مكث ، فلا حد على الصحيح ، لأن أول الوطء مباح .

وحكى ابن القطان وغيره وجها ، أنه يجب الحد إذا علم تحريمه ، ولا يجب المهر على المذهب ، وفيه خلاف سبق في كتاب الصوم . وإن نزع ثم أولج ، فلا حد إن كانت رجعية ، وحكم المهر كما سبق في الرجعية . وإن كان علق به الطلاق الثلاث ، فإن كانا جاهلين بالتحريم ، بأن اعتقد أن الطلاق لا يقع إلا باستيعاب الوطء في المجلس ، فلا حد للشبهة ، ويجب المهر ، ويثبت النسب والعدة . وإن كانا عالمين بالتحريم ، فوجهان . أصحهما : يجب الحد ، ولا مهر ولا نسب ولا عدة .

والثاني : عكسه . وإن علم التحريم ، وجهلته ، فلا حد عليها ولها المهر ، وكذا لو علمت ولم تقدر على دفع الزوج ، وفي وجوب الحد عليه الوجهان ، وإن جهل هو التحريم وعلمته وقدرت على الدفع ، فالأصح أنه يلزمها الحد ولا مهر لها .

[ ص: 235 ] فرع

قال لغير المدخول بها : إن وطئتك ، فأنت طالق ، وقع بالوطء طلقة رجعية ، سواء قلنا : الطلاق المعلق بالصفة يقع بعدها أم معها .

التالي السابق


الخدمات العلمية