صفحة جزء
الطرف الثالث : ما به المطالبة . قد تكرر أن المؤلي بعد المدة ، يطالب بالفيأة أو الطلاق ، والمقصود الفيأة ، لكنه يطالب بالطلاق إن لم يفئ . قال الإمام : وليس لها أن توجه الطلب نحو الفيأة وحدها ، بل يجب أن تكون المطالبة مترددة ، فإن لم يفئ وأبى أن يطلق ، فقولان ، أظهرهما وهو الجديد وأحد قولي القديم واختيار المزني : أنه يطلقها القاضي طلقة . والثاني ، لا يطلق عليه ، بل يحبسه ويعزره حتى يفيء أو يطلق .

ولو لم يصرح بالامتناع ، بل استمهل ليفيء ، أمهل بلا خلاف قدر ما يتهيأ لذلك الشغل ، فإن كان صائما ، أمهل حتى يفطر ، أو جائعا ، فحتى يشبع ، أو ثقيلا من الشبع ، فحتى يخف ، أو غلبه النعاس ، فحتى يزول .

ويحصل التهيؤ والاستعداد في مثل هذه الأحوال [ ص: 256 ] بقدر يوم فما دونه .

وهل يمهل ثلاثة أيام ؟ قولان ، ويقال : وجهان . أظهرهما عند الجمهور : لا . وإذا أمهل ، فطلق القاضي عليه في مدة الإمهال ، لم يقع طلاقه إن وجدت الفيأة في مدة المهلة ، وإن مضت المدة بلا فيأة ، لم يقع أيضا على الصحيح .

فرع

ذكر ابن كج ، أنه لو طلق القاضي عليه ، فبان أنه وطئ أو طلق قبل تطليق القاضي ، لم ينفذ طلاق القاضي . ولو وقع طلاق الزوج والقاضي معا ، نفذ الطلاقان ، لأن كل واحد فعل ماله فعله .

وقيل : لا يقع تطليق القاضي .

فرع

آلى ثم غاب ، أو آلى وهو غائب ، تحسب المدة ، ولها أن توكل من يطالبه . فإذا مضت المدة ، رفعه وكيلها إلى قاضي البلد الذي فيه الزوج وطالبه ويأمره القاضي بالفيأة باللسان في الحال ، لأن المانع حسي وبالمسير ، أو يحملها إليه ، أو الطلاق إن لم يفعل ذلك ، فإن لم يفئ باللسان ، أو فاء به ولم يرجع إليها ، ولا حملها إليه حتى مضت مدة الإمكان ، ثم قال : أرجع الآن ، لم يمكن ، ويطلق عليه القاضي إذا طلب وكيلها على الأظهر ، وعلى القول القديم : يحبسه ليطلق ، ويعذر في التأخير لتهيئة أهبة السفر ، ولخوف الطريق إلى أن يزول الخوف .

ولو غاب عنها بعد مطالبته بالفيأة أو الطلاق ، لم يرض منه بفيأة اللسان ، ولا يمهل . ذكره أبو الفرج السرخسي .

فرع

لو طولب فادعى التعيين والعجز عن الفيأة ، نظر ، إن لم يدخل بها في ذلك [ ص: 257 ] النكاح ، سواء كانت ثيبا أو بكرا ، أو ادعى العجز عن الافتضاض ، فوجهان . أحدهما وهو ظاهر النص ، وبه قطع في " الوجيز " : إذا صدقته أو كذبته فحلف على العجز ، لا يطالب بالوطء ، بل يطالب بفيأة اللسان ، فإن فاء ، ضربت مدة التعنين إن طلبتها . فإن وطئ في المدة ، فذاك ، وإلا أمضى حكم التعنين . والثاني : يتعين عليه الطلاق ، لأنه متهم في تأخير حقها وضررها ، وإن كان دخل بها في ذلك النكاح ، لم تسقط المطالبة ، لأن التعنين بعد الوطء لا يعتبر ، فتظهر تهمته .

التالي السابق


الخدمات العلمية