صفحة جزء
[ ص: 284 ] الشرط الثاني : السلامة من كل عيب يضر بالعمل إضرارا بينا ، فلا يجزئ الزمن ، ولا من يجن أكثر الأوقات ، فإن كانت إفاقته أكثر ، أجزأ ، وكذا إن استويا على الأصح .

قلت : هذا الذي ذكره فيمن يجن ويفيق ، هو المذهب . وفي " المستظهري " وجه أنه لا يجزئ وإن كانت إفاقته أكثر ، وهو غلط مخالف نص الشافعي والأصحاب والدليل .

واختار صاحب " الحاوي " طريقة حسنة فقال : إن كان زمن الجنون أكثر ، لم يجزئه ، وإن كانت الإفاقة أكثر ، فإن كان يقدر على العمل في الحال ، أجزأ ، وإن كان لا يقدر على العمل إلا بعد حين ، لم يجزئ . قال : ويجزئ المغمى عليه ، لأن زواله مرجو . - والله أعلم .

ولا يجزئ مريض لا يرجى زوال مرضه ، كصاحب السل ، فإن رجي ، أجزأ ، فلو أعتق من لا يرجى ، فزال مرضه ، أو من يرجى فمات ولم يزل ، أجزأه على الأصح فيهما ، ولو أعتق من وجب عليه قتل ، قال القفال : إن أعتقه قبل أن يقدم للقتل ، أجزأه ، وإلا فلا ، كمريض لا يرجى ، ولا يجزئ مقطوع إحدى الرجلين ، ولا مقطوع أنملة من إبهام اليد ، ويجزئ مقطوع أنملة من غيرها ، حتى لو قطع أنامله العليا من أصابعه الأربع ، أجزأه ، ولا يجزئ مقطوع أنملتين من السبابة ، أو الوسطى ، ويجزئ مقطوع جميع الخنصر من يد ، والبنصر من اليد الأخرى ، ولا يجزئ مقطوعهما من يد واحدة ، ويجزئ مقطوع جميع أصابع الرجلين على الصحيح . وقال ابن أبي هريرة : هو كقطع أصابع اليدين ، والأشل كالأقطع .

قلت : الذي قاله الرافعي في أصابع الرجلين ، هو المعروف في طريقة [ ص: 285 ] الخراسانيين ، وخالفهم صاحب " الحاوي " ، فجزم بأنه إذا قطع أصبعان من رجل واحدة ، أو الإبهام وحدها من رجل ، لم يجزئ ، وإلا فيجزئ . - والله أعلم .

فرع

يجزئ نضو الخلق الذي يقدر على العمل ، والأحمق ، وهو من يضع الشيء في غير موضعه مع علمه بقبحه ، ويجزئ الشيخ الكبير ، إلا أن يعجز عن العمل والكسب . وفي " التجربة " للروياني ، أن الأصحاب قالوا : يجزئ الشيخ الكبير ، ومنعه القفال إذا عجز عن العمل ، وهو الأصح ، وفي هذا إثبات خلاف في الشيخ العاجز ، ويجزئ الأعرج ، إلا أن يكون العرج شديدا يمنع متابعة المشي ، ويجزئ الأعور دون الأعمى .

قلت : المراد أعور لم يضعف نظر عينه السليمة . قال الشافعي - رحمه الله - في " الأم " : فإن ضعف بصرها ، فأضر بالعمل إضرارا بينا ، لم يجزئه ، قال صاحب " الحاوي " : إن كان ضعف البصر يمنع معرفة الخط وإثبات الوجوه القريبة منع ، وإلا فلا . - والله أعلم .

ويجزئ الأصم ، وحكي فيه قول ، ومنهم من لم يثبته ، وحمل ما نقل على ما إذا كان لا يسمع مع المبالغة في رفع الصوت ، ويجزئ الأخرس الذي يفهم الإشارة .

وعن القديم منعه ، فقيل : قولان ، والصحيح أنهما على حالين ، فالإجزاء فيمن يفهم الإشارة ، والمنع فيمن لا يفهمها . وقيل : الإجزاء إذا لم ينضم إلى الخرس صمم ، والمنع إذا انضم ، وحكى ابن كج عن ابن الوكيل القطع بالمنع إذا انضم ، وقولين إذا تجرد الخرس . ويجزئ الأقرع ، ومقطوع الأذنين ، والأخشم ، ومقطوع الأنف ، والأبرص ، والمجذوم ، والخصي ، والمجبوب ، والأمة ، والرتقاء ، والقرناء ، ومفقود الأسنان ، وولد [ ص: 286 ] الزنا ، وضعيف البطش ، والصغير ، ولا يجزئ الجنين وإن انفصل لدون ستة أشهر من حين الإعتاق ، وقيل : إن انفصل لذلك ، تبينا الإجزاء ، ولا يحكم في الحال بالإجزاء ، والصحيح الأول .

قلت : قال صاحب " الحاوي " : يجزئ عتق من لا يحسن صنعة ، قال الإمام : ولا يؤثر ضعيف الرأي والخرق ، والكوع والوكع ، ويجزئ الفاسق .

قال صاحب " الحاوي " : وأما شجاج الرأس والبدن ، فإن كانت مندملة مع سلامة الأعضاء ، لم تضر وإن شانته ، وإن كانت غير مندملة ، أجزأ منها ما كان دون مأمومة الرأس وجائفة البدن ، لأنها غير مخوفة ، ولا يجزئان لأنهما مخوفتان . - والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية