صفحة جزء
فرع

في كيفية الإحداد

وهو ترك التزين بالثياب والحلي والطيب .

النوع الأول : الثياب ، ولا يحرم جنس القطن والصوف ، والوبر والشعر ، [ ص: 406 ] والكتان والقصب والدبيقي ، بل يجوز لبس المنسوج منها على أنواع اختلاف ألوانها الخلقية وإن كانت نفيسة ناعمة ، لأن نفاستها من أصل الخلقة ، لا من زينة دخلت عليها . وأما الإبريسم ، فقال الجمهور : هو كالكتان فلا يحرم ما لم تحدث فيه زينة . وقال القفال : يحرم ، واختاره الإمام والغزالي والمتولي ، فعلى هذا ، لا تلبس العتابي الذي غلب فيه الإبريسم ، ولها لبس الخز قطعا . ولو صبغ ما لا يحرم في جنسه ، نظر في صبغه ، إن كان مما يقصد منه الزينة غالبا ، كالأحمر والأصفر ، حرم لبسه إن كان لينا ، وكذا إن كان خشنا على المشهور ، وهو نصه في " الأم " ويدخل في هذا القسم ، الديباج المنقش ، والحرير الملون ، فيحرمان .

والمصبوغ غزله قبل النسج كالبرود حرام على الأصح ، كالمصبوغ بعد النسج ، وإن كان الصبغ مما لا يقصد به الزينة ، بل يعمل للمصيبة واحتمال الوسخ كالأسود والكحلي ، فلها لبسه وهو أبلغ في الحداد ، بل في " الحاوي " وجه أنه يلزمها السواد في الحداد . وإن كان الصبغ مترددا بين الزينة وغيرها ، كالأخضر والأزرق ، فإن كان براقا صافي اللون فحرام ، وإن كان كدرا أو مشبعا ، أو أكهب وهو الذي يضرب إلى الغبرة ، جاز ، وأما الطراز على الثوب ، فإن كان كبيرا فحرام ، وإلا فثلاثة أوجه ، ثالثها : إن نسج مع الثوب ، جاز ، وإن ركب عليه ، حرم ، لأنه محض زينة .

النوع الثاني : الحلي ، فيحرم عليها لبسه ، سواء فيه الخلخال والسوار والخاتم وغيرها ، والذهب والفضة ، وقال الإمام : يجوز لها التختم بخاتم الفضة كالرجل ، وبالأول قطع الجمهور . وفي اللآلي تردد للإمام ، وبالتحريم قطع الغزالي وهو الأصح . قال الروياني : قال بعض الأصحاب : لو كانت تلبس الحلي ليلا وتنزعه نهارا ، جاز ، لكنه يكره لغير حاجة ، فلو فعلته لإحراز المال ، لم يكره . قال : ولو تحلت بنحاس أو رصاص ، فإن كان مموها بذهب أو فضة أو مشابها [ ص: 407 ] لهما ، بحيث لا يعرف إلا بتأمل ، أو لم يكن كذلك ، ولكنها من قوم يتزينون بذلك ، فحرام ، وإلا فحلال .

النوع الثالث : الطيب فيحرم عليها الطيب في بدنها وثيابها ، وتفصيل الطيب سبق في " كتاب الحج " ، ويحرم دهن رأسها بكل دهن . ولو كان لها لحية ، حرم دهنها وإن لم يكن في الدهن طيب ، لأنه زينة ، ويجوز لها دهن البدن بما لا طيب فيه ، كالزيت و الشيرج والسمن ، ولا بما فيه طيب كدهن البان والبنفسج ، ويحرم عليها أكل طعام فيه طيب ، ويحرم أن تكتحل بما فيه طيب .

وأما ما لا طيب فيه ، فإن كان أسود وهو الإثمد ، فحرام على البيضاء قطعا ، وكذا على السوداء على المشهور والصحيح ، لإطلاق الأحاديث فيه ، فإن احتاجت إلى الاكتحال به لرمد وغيره ، اكتحلت به ليلا ومسحته نهارا ، فإن دعت ضرورة إلى الاستعمال نهارا أيضا جاز ، ويجوز استعماله في غير العين ، إلا الحاجب ، فإنه تتزين به فيه .

وأما الكحل الأصفر وهو الصبر ، فحرام على السوداء ، وكذا على البيضاء على الأصح ، لأنه يحسن العين . ويحرم أيضا أن تطلي به وجهها ، لأنه يصفر الوجه ، فهو كالخضاب . وأما الكحل الأبيض كالتوتياء ونحوه ، فلا يحرم ، إذ لا زينة فيه . وقيل : يحرم على البيضاء حيث تتزين به ، والصحيح الأول ، ويحرم الدمام ، وهو ما يطلى به الوجه للتحسين . وقيل : هو الكلكون الذي يحمر الوجه ، ويحرم الإسفيداج ، ويحرم أن تخضب بحناء ونحوه فيما ظهر من البدن كالوجه واليدين والرجلين ، ولا يحرم فيما تحت الثياب ، ذكره الروياني . والغالية وإن ذهبت ريحها كالخضاب . قال الإمام : وتجعيد الأصداغ ، وتصفيف الطرة ، لا نقل فيه ، ولا يمنع أن يكون كالحلي .

التالي السابق


الخدمات العلمية