صفحة جزء
الباب الخامس في الاستبراء

فيه ثلاثة أطراف .

الأول : فيما يتعلق بنفس الاستبراء ، فإن كانت المستبرأة من ذوات الأقراء ، استبرأت بقرء ، وهو حيض على الجديد الأظهر ، وفي قول : هو طهر . وفي وجه : أن استبراء أم الولد لموت السيد أو إعتاقه بطهر ، والأمة التي يحدث ملكها بحيض ، فإن قلنا : القرء هو الطهر ، فصادف وجوب الاستبراء آخر الحيض ، كان الطهر الكامل بعده استبراء . وهل يكفي ظهور الدم بعده ، أم يعتبر يوم وليلة ؟ فيه الخلاف السابق في العدة . وفي وجه : لا بد من مضي حيضة كاملة بعد ذلك الطهر ، وهو ضعيف عند الغزالي وغيره ، وصححه الروياني ، وإن وجد سبب الاستبراء وهي طاهر ، فهل يكفي بقية الطهر ؟ وجهان . أحدهما : يكفي [ ص: 426 ] كما في العدة ، وهذا هو الراجح في " البسيط " ، وحكاه الماوردي عن البغداديين . والثاني : لا يكفي ، ولا ينقضي الاستبراء حتى تحيض بعده ثم تطهر ، وبه قطع البغوي ، وحكاه الماوردي عن البصريين . وإذا قلنا : القرء الحيض ، لم يكف بقية الحيض ، بل يعتبر حيضة كاملة . فلو كانت حائضا عند وجوب الاستبراء ، لم ينقض الاستبراء حتى تطهر ، ثم تحيض حيضة ، ثم تطهر ، وإذا تباعد حيض ذات الأقراء ، فحكمها في التربص إلى سن اليأس حكم المعتدة . فإن كانت المستبرأة من ذوات الأشهر ، فهل تستبرئ بشهر ، أم بثلاثة ؟ قولان . أظهرهما عند الجمهور : بشهر ، لأنه بدل قرء ، ورجح صاحب " المهذب " وجماعة ، الثلاثة ، وإن كانت حاملا ، نظر ، إن زال فراشه عن مستولدته ، أو أمته الحامل ، فاستبراؤها بوضع الحمل . فإن ملك أمة ، فقد أطلق المتولي ، أن الحكم كذلك إن كان الحمل ثابت النسب من زوج ، أو وطء بشبهة ، والأصح التفصيل .

فإن ملكها بسبي حصل الاستبراء بالوضع ، وإن ملك بالشراء ، فإن كانت حاملا من زوج وهي في نكاحه أو عدته ، أو من وطء شبهة وهي معتدة من ذلك الوطء ، فسيأتي إن شاء الله تعالى أنه لا استبراء في الحال على المذهب . وفي وجوبه بعد العدة خلاف ، وإذا كان كذلك ، فليس الاستبراء بالوضع ، لأنه إما غير واجب ، وإما مؤخر عن الوضع .

وذكر البغوي في حصول الاستبراء في الوضع قولين . ولو كان الحمل من زنا ، ففي حصول الاستبراء بوضعه حيث يحصل في ثابت النسب ، وجهان . أصحهما : الحصول ، لإطلاق الحديث ، ولحصول البراءة بخلاف العدة ، فإنها مخصوصة بالتأكيد ، ولهذا اشترط فيها التكرار . فإن قلنا : لا يحصل ، ورأت دما على الحمل ، وقلنا : هو حيض ، حصل الاستبراء بحيضة على الحمل على الأصح . وإن قلنا : ليس بحيض ، أو لم تر دما ، فاستبراؤها بحيضة بعد الوضع . ولو ارتابت المستبرأة بالحمل في مدة الاستبراء أو بعدها ، فعلى ما ذكرناه في العدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية