صفحة جزء
[ ص: 440 ] الطرف الثالث : فيما تصير به الأمة فراشا ، فيه مسائل .

الأولى : لا تصير الأمة فراشا بمجرد الملك ، فلو كانت تحل له وخلا بها ، فولدت ولدا يمكن كونه منه ، لم يلحقه ، بخلاف الزوجة ، لأن مقصود النكاح الاستمتاع والولد ، وإنما تصير الأمة فراشا إذا وطئها ، فإذا أتت بعد الوطء بولد لزمان يمكن أن يكون منه ، لحقه ويعرف الوطء بإقراره أو بالبينة .

فلو نفى الولد مع الاعتراف بالوطء ، فإن ادعى الاستبراء بحيضة بعد الوطء ، نظر ، إن ولدته لدون ستة أشهر من وقت الاستبراء ، فالاستبراء لغو فيلحقه الولد . فلو أراد نفيه باللعان ، فقد سبق في كتاب اللعان ، أن الصحيح جواز اللعان في هذه الصورة ، وإن ولدته لستة أشهر إلى أربع سنين ، فالمذهب والمنصوص أنه لا يلحقه ، وقد سبق فيه خلاف وتخريج . فلو أنكرت الاستبراء ، فهل يحلف السيد ، أم يصدق بغير يمين ؟ وجهان . الصحيح الذي عليه الجمهور ، أنه يحلف . فعلى هذا ، هل يكفي الحلف على الاستبراء ، أم يضم إليه أن الولد ليس منه ، أم يكفي الحلف أن الولد ليس منه من غير تعرض للاستبراء كما في نفي ولد الزوجة ؟ فيه أوجه . أصحها الثالث ، ويفهم منه ، أنه لو علم أن الولد من غيره ولم يستبرئها ، جاز له نفيه والحلف عليه ، لا على سبيل اللعان .

وإذا حلف على الاستبراء ، فهل يقول : استبرأتها قبل ستة أشهر من ولادتها هذا الولد ، أم يقول : ولدته بعد ستة أشهر بعد استبرائي ؟ فيه وجهان . ولو نكل ، فوجهان . أحدهما : يلحقه بنكوله . والثاني : تحلف الأمة ، فإن نكلت توقفنا إلى بلوغ الصبي ، فإن حلف بعد البلوغ ، لحق به .

المسألة الثانية : ادعت الوطء وأمية الولد ، وأنكر السيد أصل الوطء ، فالصحيح أنه لا يحلف ، وإنما حلف في الصورة السابقة ، لأنه سبق منه الإقرار بما يقتضي ثبوت النسب ، وقيل : يحلف ، لأنه لو اعترف به ثبت النسب . وإذا لم يكن ولد ، لم يحلف بلا خلاف .

الثالثة : أقر بالوطء فأتت بولد لأكثر من أربع سنين من وقت الوطء ، لم يلحقه على الصحيح ، وقيل : يلحقه كولد الزوجة ، وهذا تفريع على أنه يلحقه بعد الاستبراء ، ويقرب منه الخلاف فيما لو أتت بولد يلحق السيد ، ثم ولدت آخر لستة أشهر فصاعدا ، هل يلحقه الثاني ، لأنها صارت فراشه فيلحقه أولادها كالزوجة ، [ ص: 441 ] أم لا يلحقه ؟ إلا أن يقر بوطء جديد ، لأن هذا الفراش يبطل بالاستبراء ، فبالولادة أولى .

أما لو أتت بالولد الثاني لدون ستة أشهر ، فهما حمل واحد ، فإذا لحقه الأول ، لحقه الثاني بلا خلاف . وأصل الخلاف أن أم الولد ، هل تعود فراشا للسيد إذا انقطعت علقة الزوج عنها نكاحا وعدة ؟ وفيه قولان . أحدهما : تعود حتى لو مات السيد ، أو أعتقها بعد ذلك لزمها الاستبراء . ولو أتت بولد لستة أشهر فصاعدا من انقطاع علقة الزوج ، لحق السيد . والثاني : لا تعود فراشا ما لم يطأها ، فلو ولدت لدون أربع سنين من الطلاق ، لحق بالزوج . لكن الأظهر ، أن أم الولد تعود فراشا ، والأصح أنه لا يلحقه الولد الثاني إلا أن يقر بوطء جديد ، لأن الولادة أقوى من الاستبراء .

الرابعة : قال : كنت أطأ وأعزل ، لحقه الولد على الأصح ، لأن الماء قد يسبق ، ولأن أحكام الوطء لا يشترط فيها الإنزال . وقيل : ينتفي عنه كدعوى الاستبراء ، ولو قال : كنت أطأ في الدبر ، لم يلحقه الولد على الصحيح ، ولو قال : كنت أصيبها فيما دون الفرج ، لم يلحقه على الأصح .

فصل

لو اشترى زوجته ، فولدت بعد الشراء ، فقد سبق في كتاب اللعان بيان أنه متى يلحقه هذا الولد بالنكاح ، ومتى يلحقه بملك اليمين ، ومتى لا يلحقه ؟ ولا يحكم بكونها أم ولد إذا احتمل كونه من النكاح فلم يقر بالوطء بعد الشراء .

وقيل : يلحق إذا أمكن كونه من وطء ملك اليمين وهو ضعيف ، ولو أقر بالوطء بعد الشراء ، ولحق الولد بملك اليمين ، ولكن احتمل كونه من النكاح ، ثبتت أمومة الولد على الأصح ، وأجري الوجهان فيما لو زوج أمته وطلقت قبل الدخول ، وأقر السيد بوطئها فولدت لزمن يحتمل كونه منهما ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية