صفحة جزء
الواجب الرابع : الكسوة ، فتجب كسوتها على قدر الكفاية ، وتختلف بطول المرأة وقصرها وهزالها وسمنها ، وباختلاف البلاد في الحر والبرد ، ولا يختلف عدد الكسوة بيسار الزوج وإعساره ، ولكنهما يؤثران في الجودة والرداءة ، وفي كلام السرخسي وإبراهيم المروذي أنه يعتبر في الكسوة حال الزوجين جميعا ، فيجب عليه ما يلبس مثله مثلها .

وأما عدد الكسوة ، فيجب في الصيف قميص وسراويل وخمار وما تلبسه في الرجل من مكعب أو نعل ، وفي الشتاء تزاد جبة محشوة ، وقد يقام الإزار مقام السراويل ، والفرو مقام الجبة إذا كانت العادة لبسهما ، كذا قاله المتولي ، وعن المنهاج للجويني أن السراويل لا تجب في الصيف ، وإنما تجب في الشتاء ، وفي الحاوي أن نساء أهل القرى إذا جرت عادتهن أن لا يلبسن في أرجلهن شيئا في البيوت ، لم يجب لأرجلهن شيء .

وأما جنس الكسوة ، فقد قال الشافعي - رضي الله عنه - : يكسوها الموسر جميع ذلك من لين البصرة أو الكوفة ، أو وسط بغداد ، والمعسر من غليظها ، والمتوسط ما بينهما ، وأراد المتخذ من القطن ، فإن جرت عادة البلد بالكتان أو الخز أو الحرير فوجهان : أحدهما عن الشيخ أبي [ ص: 48 ] محمد لا يلزم ذلك ، وأصحهما اللزوم ، وتفاوت بين الموسر والمعسر في مراتب ذلك الجنس ، قال الأصحاب : وإنما ذكر الشافعي ما ذكر على عادة ذلك الوقت ، لكن لو كان عادة البلد لبس الثياب الرقيقة كالقصب الذي لا يصلح ساترا ، ولا تصح فيها الصلاة ، لم يعطها منه ، لكن من الصفيق الذي يقرب منه في الجودة كالديبقي والكتان المرتفع ، قال السرخسي : وإذا لم تستغن في البلاد الباردة بالثياب عن الوقود يجب من الحطب أو الفحم بقدر الحاجة .

فرع

هذا المذكور حكم لباس البدن ، وأما الفرش ، فعلى الزوج أن يعطيها ما تفرشه للقعود عليه ، ويختلف ذلك باختلاف حال الزوج ، قال المتولي : فعلى الموسر طنفسة في الشتاء ، ونطع في الصيف ، وعلى المتوسط زلية ، وعلى الفقير حصير في الصيف ولبد في الشتاء ، وتشبه أن تكون الطنفسة والنطع بعد بسط زلية أو حصير فإن الطنفسة والنطع لا يبسطان وحدهما ، وهل عليه فراش تنام عليه ؟ وجهان : أحدهما : لا وتنام على ما يفرشه نهارا ، وأصحهما : نعم للعادة ، فعلى هذا يلزمه مضربة وثيرة أو قطيفة ، ويجب لها مخدة ولحاف أو كساء في الشتاء ، وفي البلاد الباردة بلا خلاف ، ويكون كل ذلك لامرأة الموسر من المرتفع ، ولامرأة المعسر من النازل ، والمتوسط ، وذكر الغزالي يجب أيضا شعار ، ولم يتعرض له الجمهور ، والحكم في جميع ذلك مبني على العادة نوعا وكيفية حتى قال الروياني في " البحر " : لو كانوا [ ص: 49 ] لا يعتادون في الصيف لنومهم غطاء غير لباسهم ، لم يلزم شيء آخر .

فرع

تجب للخادم الكسوة كالنفقة ، فلا بد من قميص ، وفي السراويل وجهان : أصحهما عند البغوي والروياني تجب ، وكلام الجمهور يميل إلى عدم الوجوب ، وأما المقنعة ، فأطلق جماعة وجوبها ، وقال المتولي : تجب في الشتاء وكذا في الصيف إن كانت حرة ، فإن كانت أمة ، لم تجب إن كانت عادة إماء البلد كشف الرأس .

قلت : الصحيح القطع بالوجوب مطلقا . والله أعلم .

ويجب للخادم في الشتاء جبة أو فرو ، ويجب الخف للخادم دون المخدومة ، ويجب لها ما تلتحف به عند الخروج ، وأما ما يفرش وتنام فيه ، فقد قال المتولي : لا بد من شيء تجلس عليه كبارية في الصيف ، وقطعة لبد في الشتاء ، ولا بد من مخدة وشيء تتغطى به في الليل من كساء ونحوه ، قال في " البحر " : ولا يجب لها الفراش ، بل يكتفى بالوسادة والكساء ، وما وجب يجب مما يليق بالخادم جنسا ونوعا ، ويكون دون كسوة المخدومة .

فرع

قياس مسائل الباب أنه يجب زيادة على الجبة الواحدة حيث يشتد البرد ولا تكفي الواحدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية