صفحة جزء
[ ص: 55 ] الضرب الثاني : ما تنتفع به مع بقاء عينه كالكسوة وفيها وجهان : أحدهما : لا يجب تمليكها ، وبه قال ابن الحداد ، واختاره القفال ، بل يكون إمتاعا كالمسكن والخادم . وأصحهما وينسب إلى النص : يجب تمليكها كالنفقة والأدم وكسوة الكفارة ، ويجري الخلاف في كسوة الخادم وطرده البغوي في كل ما ينتفع به مع بقاء عينه كالفرش وظروف الطعام والشراب والمشط ، وألحق الغزالي في " البسيط " الفرش والظروف بالمسكن . واعلم أن الكسوة تدفع إليها في كل ستة أشهر ، ثم تجدد كسوة الصيف للصيف ، والشتاء للشتاء ، وأما ما يبقى سنة أو أكثر كالفرش والبسط والمشط ، فإنما تجدد في وقت تجديده ، وكذلك جبة الخز والإبريسم لا يجدد في كل شتوة ، وعليه تطريتها على العادة ، ويتفرع على الوجهين في وجوب تمليك الكسوة صور :

منها : لو سلم إليها كسوة الصيف ، فتلفت في يدها قبل مضي الصيف فلا تقصير ، لزمه الإبدال إن قلنا : الكسوة إمتاع ، وإلا فلا على الصحيح . ولو أتلفتها ، أو تمزقت قبل أوان التمزق لكثرة ترددها فيها ، وتحاملها عليها ، فإن قلنا : الكسوة تمليك ، لم يلزم الإبدال ، وإن قلنا : إمتاع ، لزمها قيمة ما أتلفت ، ولزمه الإبدال .

ومنها : لو سلم إليها كسوة الصيف ، فماتت في أثنائه ، أو مات الزوج ، أو أبانها ، فله استردادها إن قلنا : إمتاع ، وإلا فلا على الصحيح .

ومنها : إذا لم يكسها مدة ، صارت الكسوة دينا عليه إن قلنا بالتمليك ، وإلا ، فلا .

ومنها : إن قلنا : إمتاع ، لم يجز الاعتياض عنها ، كما لا يجوز للقريب أن يعتاض عن نفقته ، وإن قلنا : تمليك ، ففي الاعتياض الخلاف السابق في الاعتياض عن النفقة .

[ ص: 56 ] ومنها : لو أعطاها كسوة الصيف فمضى الصيف ، وهي باقية لرفقها بها ، فعليه كسوة الشتاء ، إن قلنا بالتمليك ، وعلى الإمتاع لا يلزمه إلا ما يزاد للشتاء حتى يبلى ما عندها .

ومنها : له أن يأخذ المدفوع منها ، ويعطيها غيره إن قلنا بالإمتاع ، وإلا فلا إلا برضاها .

ومنها : لو ألبسها ثيابا مستعارة ، أو مستأجرة ، لم يجز على قولنا تمليك ، ويجوز على الإمتاع ، فإن تلف المستعار ، فالضمان على الزوج .

ومنها : ليس بيع المقبوض إن قلنا إمتاع ، ويجوز على التمليك كالقوت ، فعلى هذا وجهان : أحدهما : ليس لها أن تلبس دون المقبوض كما في النفقة ، وأصحهما : المنع ، لأن للزوج غرضا في تجملها .

فرع

ليس للزوج أن يدفع إليها ثمن الكسوة ، بل يجب تسليم الثياب ، وعليه مؤنة الخياطة .

التالي السابق


الخدمات العلمية