صفحة جزء
الباب الرابع في موجب الدية وحكم السحر

فيه خمسة أطراف :

الأول : السبب ، والواجب في إهلاك النفس وما دونها ، كما يجب بالمباشرة يجب بالتسبب ، وقد سبق أن مراتب الشيء الذي له أثر في الهلاك ثلاث ، وهي : العلة والسبب والشرط ، وضابطه أن يقال : ما يحصل الهلاك عنده أو عقبه إن كان هو المؤثر في الهلاك ؛ فهو علة للهلاك ، وتتعلق به الدية لا محالة ، وإن لم يكن هو المؤثر ، فإن توقف تأثير المؤثر عليه ، كالحفر مع التردي تعلقت به الدية أيضا ، وإن لم يتوقف ، لم تتعلق به الدية ، بل الموت عنده اتفاقي ، ثم فيه مسائل :

إحداها : صفعه صفعة خفيفة ، فمات ؛ فلا ضمان للعلم بأنه لا أثر لها في الهلاك .

الثانية : صاح على صبي غير مميز على طرف سطح أو بئر أو نهر ، فارتعد وسقط ومات منه ، وجبت الدية قطعا ، ولا قصاص على الأصح ، وقيل : الأظهر ، ومن أوجب يدعي أن التأثر به غالب ، ولو كان الصبي على وجه الأرض ، فمات من الصيحة ، فقيل : هو كالسقوط من سطح ، والأصح أنه لا ضمان ، لأن الموت به في غاية البعد .

ولو صاح على بالغ على طرف سطح ونحوه ، فسقط ومات فلا قصاص ، وفي الضمان أوجه ؛ أصحها : لا يجب ، والثاني : يجب ، والثالث : إن غافصه من [ ص: 314 ] ورائه ، وجب ، وإن صاح به من وجهه ؛ فلا .

ولو صاح على صغير فزال عقله ، وجب الضمان ، وإن كان بالغا ، فعلى الأوجه الثلاثة . والمجنون والمعتوه ، والذي تعتريه الوساوس والنائم والمرأة الضعيفة ، كالصبي الذي لا يميز ، والمراهق المتيقظ كالبالغ .

وشهر السلاح والتهديد الشديد كالصياح ، ولو صاح على صيد ، فاضطرب منه الصبي على طرف السطح وسقط ، وجب الضمان ، لكن الدية والحالة هذه تكون مخففة على العاقلة ، وفيما إذا قصد الصبي نفسه تكون مغلظة على العاقلة . وقياس من يوجب القصاص أن تجب مغلظة على الجاني ، وعن صاحب " التلخيص " أن الصائح إن كان محرما أو في الحرم تعلق بصيحته الضمان لتعديه ، وإلا فلا .

وذكر على قياسه أنه لو صاح على صبي في ملكه ، لم يجب الضمان تشبيها بما لو حفر بئرا في ملكه ، فسقط فيها رجل ؛ والأصح أنه لا فرق .

فرع

إذا بعث السلطان إلى امرأة ذكرت عنده بسوء ، وأمر بإحضارها ، فأجهضت جنينا فزعا منه ، وجب ضمان الجنين ، ولو كذب رجل ، فأمرها على لسان الإمام بالحضور ، فأجهضت ؛ فالضمان على عاقلة الرجل ، ولو هددها غير الإمام حاملا ، وأجهضت فزعا ؛ فليكن كالإمام ؛ لأن إكراهه كإكراه الإمام ، ولو ماتت الحامل المبعوث إليها ، أو بعث الإمام إلى رجل ذكر بسوء وهدده ومات ؛ فلا ضمان على الصحيح ؛ لأنه لا يفضي إلى الموت . وفي " النهاية " أنه يجب .

فرع

لو فزع إنسانا ، فأحدث في ثيابه فأفسدها ؛ فلا ضمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية