صفحة جزء
فصل

لا خلاف أن ما يضرب على العاقلة يضرب مؤجلا وأن الأجل لا ينقص عن سنة ؛ وأن دية النفس الكاملة تؤجل إلى ثلاث سنين ؛ يؤخذ في كل سنة ثلثها ، واختلف الأصحاب في علته ؛ فراعت طائفة كونها بدل نفس محترمة ، وراعى آخرون قدر الواجب واعتبروا التأجيل به ؛ وهذا أصح ، وتظهر فائدة الخلاف في صور :

إحداها : بدل العبد أو طرفه إذا جني عليه خطأ ، أو شبه عمد ؛ هل تحمله العاقلة أم هو في مال الجاني ؟ قولان : أظهرهما : الأول وهو الجديد ؛ لأنه بدل آدمي ويتعلق به قصاص وكفارة ؛ فعلى هذا لو اختلف السيد والعاقلة في قيمته ؛ صدقوا بأيمانهم ؛ فلو صدقه الجاني لم يقبل عليهم بل الزيادة على ما اعترفت به العاقلة في ماله . وعلى هذا القول لو كانت قيمة العبد قدر دية حر ضربت في ثلاث سنين ، ولو كانت قدر ديتين ؛ فهل تضرب في ثلاث سنين لكونها بدل نفس ؛ أم في ست سنين في كل سنة قدر ثلث دية نظرا إلى القدر ؟ وجهان ؛ أصحهما : الثاني .

[ ص: 360 ] الثانية : في دية النفس الناقصة ؛ كامرأة وذمي وغرة جنين ، وجهان : أحدهما : في ثلاث سنين لأنها نفس ؛ وأصحهما : ينظر إلى القدر ؛ فدية اليهودي والنصراني والمجوسي والجنين في سنة ؛ فإنها لا تزيد على الثلث ، ودية المرأة في سنتين ، في آخر الأولى ثلث دية الرجل ، وفي آخر الثانية الباقي .

الثالثة : قتل جماعة كثلاثة رجال مثلا ؛ فهل تضرب دياتهم على عاقلته في ثلاث سنين أم في تسع ؟ وجهان أصحهما : الأول ، ولو قتل ثلاثة واحدا ؛ فعلى عاقلة كل واحد ثلث ديته ؛ مؤجل عليهم في ثلاث سنين على الصحيح ، وقيل : في سنة .

الرابعة : دية الأطراف وأروش الجراح والحكومات ، قيل : تضرب في سنة قلت أم كثرت ؛ والصحيح : التفضيل ؛ فإن لم يزد الواجب على ثلث الدية ؛ ضرب في سنة ؛ وإن زاد عليه ولم يجاوز الثلثين ؛ ففي سنتين في آخر الأولى ثلث دية وفي آخر الثانية الباقي ، وإن زاد على الثلثين ولم يجاوز الدية ؛ ففي ثلاث سنين ، وإن زاد كقطع يديه ورجليه ؛ فالمذهب أنه في ست سنين ، وقيل : في ثلاث ، ويد المرأة في سنة ويداها كنفسها .

فصل

مات بعض العاقلة في أثناء السنة لا يؤخذ شيء من تركته كالزكاة ، ولو مات بعد الحول والوجوب عليه ، وجب في تركته .

فصل

إن كانت العاقلة حاضرين في بلد الجناية فالدية عليهم ، وإن كانوا غائبين ، لم يستحضروا ولا ينتظر حضورهم بل إن كان لهم [ ص: 361 ] هناك مال أخذ منه ؛ وإلا فيحكم القاضي عليهم بالدية على ترتيبهم ، ويكتب بذلك إلى قاضي بلدهم ليأخذها ، وإن شاء حكم بالقتل وكتب إلى قاضي بلدهم ليحكم عليهم بالدية ، ويأخذها منهم .

وإن غاب بعضهم وحضر بعضهم ، نظر ، إن استووا في الدرجة فقولان : أحدهما : يقدم من حضر لقرب داره وإمكان النصرة منه . وأظهرهما : تضرب على الجميع ، ويكون كما لو حضروا كلهم أو غابوا ، وعلى الأول إن لم يكن في الحاضرين وفاء ، ضرب الباقي على الغائبين ، وطريقه كتاب القاضي كما سبق ، وإن اختلفت دارهم ؛ قدم الأقرب دارا فالأقرب .

هكذا ذكر القولين الجمهور ، وجعلهما المتولي في أنه هل يجوز تخصيص الحاضرين وإن اختلفت درجتهم ؛ فإن كان الحاضرون أقرب ، وزع عليهم ؛ فإن لم يفوا بالواجب كتب القاضي لما بقي ، وإن كانوا أبعد ففي تخصيص الحاضرين طريقان : أصحهما : طرد الخلاف ، والثاني : القطع بالضرب على الأقربين وإن بعدت دارهم ؛ وبه قطع الشيخ أبو حامد والعراقيون .

التالي السابق


الخدمات العلمية