صفحة جزء
الشرط الخامس : الجماعة . فلا تصح الجمعة بالعدد فرادى . وشروط الجماعة : على ما سبق في غير الجمعة . ولا يشترط حضور السلطان ، ولا إذنه فيها . وحكى في ( البيان ) قولا قديما : أنها لا تصح إلا خلف الإمام ، أو من أذن له ، وهو شاذ منكر . ثم لإمام الجمعة أحوال .

أحدها : أن يكون عبدا ، أو مسافرا ، فإن تم به العدد ، لم تصح الجمعة ، وإن تم بغيره ، صحت على المذهب . وقيل : وجهان . أصحهما : الصحة . والثاني : البطلان . هذا إذا صليا الجمعة قبل أن يصليا الظهر . فإن كانا صليا ظهر يومهما ، فهما متنفلان بالجمعة . وفي الجمعة خلفهما ما يأتي في المتنفل .

الحال الثاني : أن يكون صبيا ، أو متنفلا ، فإن تم العدد به ، لم تصح ، وإن تم دونه ، صحت على الأظهر عند الأكثرين . واتفقوا على أن الجواز في المتنفل أظهر منه في الصبي ; لأنه من أهل الفرض ولا نقص فيه .

الحال الثالث : أن يصلوا الجمعة خلف من يصلي صبحا ، أو عصرا ، فكالمتنفل . وقيل : تصح قطعا ، لأنه يصلي فرضا . ولو صلوا خلف مسافر يقصر الظهر ، جاز إن قلنا : إن الجمعة ظهر مقصورة . وإن قلنا : صلاة على حيالها ، فكالصبح .

الحال الرابع : إذا بان الإمام بعد الصلاة جنبا أو محدثا ، فإن تم العدد به ، لم تصح . وإن تم دونه ، فالأظهر : الصحة . نص عليه في ( الأم ) ، [ ص: 11 ] وصححه العراقيون ، وأكثر أصحابنا . والثاني : لا تصح ، لأن الجماعة شرط ، والإمام غير مصل ، بخلاف سائر الصلوات ، فإن الجماعة فيها ليست شرطا . وغايته أنهم صلوها فرادى . والمنع هنا أقوى منه في مسألة الاقتداء بالصبي . وقال الأكثرون المرجحون للأول : لا نسلم أن حدث الإمام يمنع صحة الجماعة ، وثبوت حكمها في حق المأموم الجاهل بحاله . وقالوا : لا يمنع نيل فضيلة الجماعة في سائر الصلوات ، ولا غيره من أحكام الجماعة . وعلى الأظهر ، قال صاحب ( البيان ) : لو صلى الجمعة بأربعين ، فبان أن المأمومين محدثون ، صحت صلاة الإمام . بخلاف ما لو بانوا عبيدا ، أو نساء ، فإن ذلك مما يسهل الاطلاع عليه . وقياس من يذهب إلى المنع : أن لا تصح جمعة الإمام لبطلان الجماعة .

الحال الخامس : إذا قام الإمام في غير الجمعة إلى ركعة زائدة سهوا ، فاقتدى به إنسان فيها ، وأدرك جميع الركعة ، فإن كان عالما بسهوه ، لم تنعقد صلاته على الأصح . وإن كان جاهلا ، حسبت له الركعة ، ويبني عليها بعد سلام الإمام وإن لم تكن تلك الركعة محسوبة للإمام كالمحدث . بخلاف ما لو بان الإمام كافرا ، أو امرأة ، لأنهما ليسا أهلا للإمامة بحال . وعلى الوجه الثاني : لا تنعقد الصلاة ، ولا تحسب هذه الركعة للمأموم . فلو جرى هذا في الجمعة ، فإن قلنا : في غير الجمعة لا يدرك به الركعة ، لم يدرك به هنا الجمعة ، ولا تحسب عن الظهر أيضا ، وإن قلنا : يدركها في غير الجمعة ، فهل تحسب هذه الركعة عن الجمعة ؟ وجهان بناء على القولين في المحدث . واختار ابن الحداد : أنها لا تحسب .

واعلم أن الأصحاب لم يذكروا في المحدث إذا لم تحصل الجمعة : أن صلاة المقتدي به منعقدة ، وأن المأتي به يحسب عن الظهر ، حتى لو تبين الحال قبل سلام الإمام أو بعده على قرب ، يتمها ظهرا إذا جوزنا بناء الظهر على الجمعة . ومقتضى التسوية بين الفصلين : الانعقاد والاحتساب عن الظهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية