صفحة جزء
الطرف الثالث في إتلاف أموالهم

إن احتاج المسلمون إلى إتلاف أموال الكفار ، كتخريب بناء ، وقطع شجر ، ليكفوا عن القتال أو ليظفروا بهم ، فلهم ذلك ، وإن لم يحتاجوا ، نظر إن لم يغلب على ظنهم حصول ذلك المال للمسلمين ، جاز إتلافه مغايظة لهم وتشديدا عليهم ، وإن غلب على الظن حصوله ، كره الإتلاف ، ولا يحرم على الأصح ، هذا إذا دخل الإمام دارهم مغيرا ولم يمكنه الاستقرار فيها ، فأما إذا فتحها قهرا ، فيحرم التخريب والقطع ، لأنها صارت غنيمة ، وكذا لو فتحها صلحا على أن تكون لنا ، أو لهم ، ولو غنما أموالهم وانصرفنا ، وخفنا الاسترداد ، فإن كانت غير حيوان ، جاز إتلافها ، لئلا يأخذوها فيتقووا بها ، وأما الحيوان ، فإن قاتلونا عليه واحتجنا في القتال إلى عقره لدفعهم أو للظفر بهم ، جاز ، وإن غنمنا خيلهم وماشيتهم ، ولحقونا وخفنا الاسترداد ، أو ضعف بعضها ، وتعذر سوقها ، لم يجز عقرها وإتلافها ، لكن تذبح للأكل ، وإن خفنا أنهم يأخذون الخيل ، ويقاتلوننا عليها ، ويشتد الأمر ، جاز إتلافها ، ولو لحقونا ومعنا نساؤهم وصبيانهم ، وخفنا استردادهم ، لم يجز قتلهم قطعا .

[ ص: 259 ] فرع

لو ظفرنا بكتب لهم مما يحل الانتفاع به ، كطب وشعر ولغة وحساب وتواريخ ، فلها حكم سائر الأموال ، فتباع أو تقسم ، وما حرم الانتفاع به ، ككتب الكفر والهجو والفحش المحض ، لم يترك بحاله بل إن كان في رق أو كاغد ثخين وأمكن غسله ، غسل ، ثم هو كسائر الأموال ، فإن لم يمكن ، أبطلت منفعته بتمزيق ، ثم الممزق كسائر الأموال ، وعن القاضي أبي الطيب أنها تمزق أو تحرق ، وضعفوا الإحراق لما فيه من التضييع ، لأن للممزق قيمة وإن قلت ، وكتب التوراة والإنجيل مما يحرم الانتفاع به ، لأنهم بدلوا وغيروا ، وإنما نقرها في أيديهم كما نقر الخمر .

فرع

إذا دخلنا دارهم غزاة ، قتلنا الخنازير ، وأرقنا الخمور ، وتحمل ظروفها إلا أن لا تزيد قيمتها على مؤنة حملها ، فنتلفها ، وإن وقع كلب ينتفع به للاصطياد أو للماشية والزرع ، فحكى الإمام عن العراقيين أن للإمام أن يسلمه إلى واحد من المسلمين ، لعلمه بحاجته إليه ، ولا يحسب عليه ، واعترض بأن الكلب منتفع به ، فليكن حق اليد فيه لجميعهم ، كما أن من مات وله كلب لا يستبد به بعض الورثة ، والموجود في كتب العراقيين أنه إن أراده بعض الغانمين ، أو أهل الخمس ولم ينازعه غيره ، سلم إليه ، وإن تنازعوا ، فإن وجدنا كلابا وأمكنت القسمة عددا ، قسم ، وإلا أقرع بينهم ، وهذا هو المذهب وقد سبق في الوصية أنه تعتبر قيمتها عند من يرى لها قيمة ، وتعتبر منافعها فيمكن أن يقال به هنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية