صفحة جزء
[ ص: 364 ] الشرط الثاني : اتحاد الجنس ، فإن اختلف ، كالسهام مع المزاريق ، لم يصح على الأصح ، ولو اختلفت أنواع القسي والسهام ، جاز قطعا ، كقسي عربية مع فارسية ، ودورانية ، وتنسب إلى دوران قبيلة من بني أسد ، مع هندية ، وكالنبل ، وهو ما يرمى به عن القوس العربية ، مع النشاب ، وهو ما يرمى به عن الفارسية ، ومن أنواع القسي : الحسبان ، وهي قوس تجمع سهامها الصغار في قصبة ، ويرمى بها ، فتتفرق على الناس ، ويعظم أثرها ونكايتها ، وحكى صاحب " التقريب " وجها أنه لا تجوز المناضلة بالنبل مع النشاب ، كالخيل والبغال ، والصحيح الأول ، لأنا قدمنا أن اختلاف أنواع الإبل والخيل لا يضر ، فهذا أولى ، ثم إن عينا في عقد المناضلة نوعا من الطرفين أو أحدهما ، وفيا به ولا يجوز العدول عن المعين إلى ما هو أجود منه ، بأن عينا القوس العربية ، فلا يجوز العدول إلى الفارسية ، ولو عدل إلى ما دونه ، لم يجز أيضا على الأصح إلا برضى صاحبه ، لأنه ربما كان استعماله لأحدهما أكثر ، ورميه به أجود ، ولو عينا سهما أو قوسا ، لم يتعين ، وجاز إبداله بمثله من ذلك النوع ، سواء حدث فيه خلل يمنع استعماله أم لا بخلاف الفرس ، فلو شرط أن لا يبدل ، فسد الشرط على الأصح ، لأن الرامي قد تعرض له أحوال خفية تحوجه إلى الإبدال ، وفي منعه من الإبدال تضييق لا فائدة فيه ، وقيل : يصح الشرط ، فإن أفسدنا الشرط ، فسد العقد على الأصح ، ويجري الوجهان في كل ما لو طرح من أصله لاستقل العقد بإطلاقه ، فأما ما لا يستقل العقد بإطلاقه لو طرح ، كإهمال ذكر الغاية في المسابقة ، وصفة الإصابة في المناضلة ، فإذا فسد ، فسد العقد بلا خلاف ، فإن صححنا هذا الشرط ، لزم الوفاء به ما لم ينكسر المعين ، ويتعذر استعماله ، فإن انكسر جاز الإبدال للضرورة ، فإن شرط أن لا يبدل وإن انكسر ، فسد العقد قطعا ، ولو أطلقا المناضلة ولم يتعرضا لنوع ، فثلاثة أوجه ، الصحيح وقول الأكثرين : الصحة ، لأن [ ص: 365 ] الاعتماد على الرامي ، والثاني : المنع ، لاختلاف الأغراض وتفاوت الحذق في استعمالها ، والثالث : إن غلب نوع في الموضع الذي يترامون فيه ، صح ونزل عليه ، وإلا فباطل ، فإن قلنا : يصح ، فتراضيا على نوع ، فذاك ، وإن تراضيا على نوع من جانب ، ونوع آخر من الجانب الآخر ، جاز أيضا على الأصح كما في الابتداء ، ولو اختار أحدهما نوعا ، وقال الآخر : بل يرمي بنوع آخر ، وأصرا على المنازعة ، فسخ العقد على الأصح ، وقيل : ينفسخ .

فرع

قال الإمام : اختلاف السهام وإن اتحد نوع القوس كاختلاف نوع الفرس ، وبيانه أن الرمي بنبال الحسبان التي يقال لها : الناول إنما يكون بالقوس الفارسية ، لكنها مع الآلة المتصلة بها كنوع آخر من القوس ، وكذا القوس الجرخ مع قوس اليد ، والجرخ والناول مختلفان .

التالي السابق


الخدمات العلمية