صفحة جزء
الثالثة : حلف : ليثنين على الله أحسن الثناء ، فطريق البر أيقول : لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك زاد إبراهيم المروزي في آخره : فلك الحمد حتى ترضى فصور المتولي المسألة فيما لو قال : لأثنين على الله تعالى بأجل الثناء ، أو أعظمه ، وزاد في أول الذكر سبحانك ولو قال : لأحمدن الله بمجامع الحمد ، وقال المتولي : بأجل التحاميد ، فطريق البر أن يقول : الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده ولو قال : لأصلين على النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل الصلاة عليه ، فطريق البر أن يقول : اللهم صل على رسول الله محمد وعلى آل محمد كلما ذكره الذاكرون وكلما سها عن ذكره الغافلون . ذكره إبراهيم المروزي .

[ ص: 66 ] قلت : أما الصورتان الأوليان ، فذكرهما جماعة من متأخري الخراسانيين ، وليس لهما دليل يعتمد . ومعنى " يوافي نعمه " أي : يلاقيها ، فتحصل معه ، " ويكافئ مزيده " بهمزة في آخره ، أي : يساوي مزيد نعمه ومعناه : يقوم لشكر ما زاد من النعم والإحسان . وأما مسألة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقد ذكرها عن إبراهيم المروزي وحده ، وقد يستأنس لذلك بأن الشافعي - رحمه الله - كان يستعمل هذه العبارة ، ولعله أول من استعملها ، ولكن الصواب والذي ينبغي أن يجزم به أن أفضل ما يقال عقيب التشهد في الصلاة : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم إلى آخره ، فقد ثبت في الصحيح أنهم قالوا يا رسول الله : كيف نصلي عليك ، فقال : قولوا : اللهم صل على محمد إلى آخره . - والله أعلم - .

فصل

حلف : لا يصلي ، فهل يحنث بالتحرم بالصلاة أم لا يحنث حتى يركع ؟ أم حتى يفرغ من الصلاة ؟ فيه أوجه : أصحها الأول . ولو أفسدها بعد الشروع ، حنث على الأول ، ولا يحنث على الثالث ، ولا على الثاني إن لم يكن ركع ، ولا يجيء الثاني إذا صلى على جنازة . ولو أحرم مع إخلاله ببعض الشروط ، لم يحنث ، لأنه لم يصل لعدم انعقادها . ولو حلف : ما صليت وقد أتى بصورة صلاة فاسدة ، لم يحنث ولو لم يجد ماء ولا ترابا ، وصلى ، حنث ، لأنها صلاة إلا أن يريد الصلاة المجزئة . ولو قال : لا أصلي صلاة ، لا يحنث حتى يفرغ .

قلت : وينبغي أن لا يحنث بسجود الشكر والتلاوة والطواف ، ويحنث بالصلاة بالإيماء ، حيث يحكم بصحتها . - والله أعلم - .

[ ص: 67 ] ولو حلف : لا يصوم ، فهل يحنث بأن يصبح صائما ، أو بأن ينوي صوم التطوع قبل الزوال ، أم لا يحنث حتى يتم ؟ فيه الخلاف . وإذا قلنا : لا يحنث إلا بالفراغ ، فهل نتبين استناد الحنث إلى الأول فيه وجهان .

قلت : وينبغي أن يكون في الحج الخلاف في أنه يحنث بمجرد الإحرام ، أم بعد الفراغ . وعلى قياس الثاني اشتراط الركوع لكونه معظم الركعة يجيء وجه ثالث باشتراط الوقوف بعرفات ، وأما الاعتكاف فيحنث بمجرد نيته ، ويحتمل أن يجيء خلاف في اشتراط ساعة ، بناء على أنه لا يصح اعتكاف لحظة . ولو حلف : لا يقرأ حنث بما قرأه ولو بعض آية . - والله أعلم -

التالي السابق


الخدمات العلمية