صفحة جزء
الأدب الرابع : يستحب أن يكون مجلس القضاء فسيحا بارزا نزها لا يؤذي فيه حر ولا برد وريح وغبار ودخان ، فيجلس في الصيف حيث يليق به ، وكذا في الشتاء وزمن الرياح ، واستحب أبو عبيد بن حربويه وغيره من الأصحاب أن يكون موضع جلوسه مرتفعا كدكة ونحوها ليسهل عليه النظر إلى الناس ، وعليهم المطالبة ، وحسن أن يوطأ له الفراش ، وموضع الوسادة ، ليعرفه الداخل ، ويكون أهيب عند الخصوم ، وأرفق بالقاضي لئلا يمل ، والمستحب أن يكون مستقبل القبلة ، ولا يتكئ ، ويستحب أن لا يتخذ المسجد مجلسا للقضاء ، فإن اتخذ ، كره على الأصح ؛ لأنه ينزه عن رفع الأصوات وحضور الحيض والكفار والمجانين وغيرهم ممن يحضرون مجلس القضاء ، والثاني : لا يكره كما لا يكره الجلوس فيه لتعليم القرآن وسائر العلوم والإفتاء ، وإذا أثبتنا الكراهة ، فهي في إقامة الحد أشد ، وكراهة اتخاذه مجلسا للقضاة كراهة تنزيه ، فإن ارتكبها لم يمكن الخصوم من [ ص: 139 ] الاجتماع فيه والمشاتمة ونحوها ، بل يقعدون خارجه ، وينصب من يدخل خصمين خصمين ، ولو اتفقت قضية أو قضايا وقت حضوره في المسجد لصلاة أو غيرها ، فلا بأس بفصلها ، وإذا جلس للقضاء ولا زحمة ، كره أن يتخذ حاجبا على الأصح ، ولا كراهة فيه في أوقات خلوته على الصحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية