[ ص: 175 ] الباب الثالث في 
القضاء على الغائب 
هو جائز في الجملة ، وحكى صاحب " التقريب " قولا عن رواية  
حرملة  أنه لا يجوز إلا إذا كان للدعوى اتصال بحاضر ، والمشهور الأول ، وبه قطع الأصحاب ، وفي الباب أطراف : 
الأول : في الدعوى ، ويشترط في 
الدعوى على الغائب ما يشترط فيها على الحاضر من بيان المدعى وقدره وصفته وقوله : إني مطالب بالمال . ولا يكفي الاقتصار على قوله : لي عليك كذا ويشترط أن يكون للمدعي بينة وإلا فلا فائدة ، وأن يدعي جحوده ، فإن قال : هو مقر لم تسمع بينته ولغت دعواه ، وإن لم يتعرض لجحوده ولا إقراره ، فهل تسمع بينته ؟ وجهان أصحهما : نعم لأنه قد لا يعلم جحوده في غيبته ، ويحتاج إلى الإثبات ، فجعلت الغيبة كالسكوت . وفي فتاوى  
القفال  أن هذا كله فيما إذا أراد إقامة البينة على ما يدعيه ، ليكتب القاضي به إلى حاكم بلد الغائب ، فأما إذا
كان للغائب مال حاضر ، وأراد إقامة البينة على دينه ليوفيه القاضي تسمع بينته ويوفيه ، سواء قال : هو مقر ، أو جاحد ، وهل على القاضي لسماع الدعوى على الغائب أن ينصب مسخرا ينكر على الغائب وجهان أحدهما : نعم لتكون البينة على إنكار منكر ، وأصحهما ما ذكره  
البغوي  ؛ لأن الغائب قد يكون مقرا ، فيكون إنكار المسخر كذبا . 
ومقتضى هذا التوجيه أن لا يجوز نصب المسخر ، لكن الذي ذكره  
أبو الحسن العبادي  وغيره أن القاضي مخير إن شاء نصب وإلا فلا .