صفحة جزء
الشرط السادس الانفكاك عن التهمة ، وللتهمة أسباب ، الأول أن يجر بشهادته إلى نفسه نفعا ، أو يدفع بها ضرا ، فلا تقبل شهادة السيد لعبده المأذون له ، ولا لمكاتبه بدين ولا عين ، ولا شهادة الوارث لمورثه ، ولا الغريم للميت ، والمفلس المحجور عليه ، وتقبل شهادته لغريمه الموسر ، وكذا المعسر قبل الحجر عليه على الأصح ، ولا تقبل شهادة الضامن للمضمون عنه بالأداء ، ولا الإبراء ، ولا الوكيل لموكله فيما هو وكيل فيه ، ولا الوصي والقيم في محل تصرفهما ، ولا الشريك لشريكه فيما هو شريك فيه ، بأن يقول : هذه الدار بيننا ، ويجوز أن يشهد بالنصف لشريكه ، ولا تقبل شهادته لشريكه ببيع الشقص ، ولا للمشتري من شريكه ، لأنها تتضمن إثبات الشفعة لنفسه ، فإن لم يكن فيه شفعة بأن كان مما لا ينقسم ، قال الشيخ أبو حامد : تقبل ، وكذا لو عفا عن الشفعة ، ثم شهد ، ولو شهد أن زيدا جرح مورثه ، لم يقبل للتهمة . ولو شهد بمال آخر لمورثه المجروح ، أو المريض إن يشهد بعد الاندمال ، قبلت قطعا ، وكذا قبله على الأصح .

[ ص: 235 ] فرع

ذكر القاضي أبو سعد الهروي في شرح أدب القضاء لأبي عاصم العبادي - رحمه الله - أنه لا تقبل شهادة المودع للمودع إذا نازعه في الوديعة أجنبي ؛ لأنه يستديم اليد لنفسه ، ويقبل للأجنبي ، وكذا شهادة المرتهن لا يقبل للراهن ، ويقبل للأجنبي ، وإن شهادة الغاصب على المغصوب منه بالعين لأجنبي لا تقبل لفسقه ، ولتهمته بدفع الضمان ، ومؤنة لرد ، فإن شهد بعد الرد ، قبلت شهادته ، وإن شهد بعد التلف ، لم تقبل ؛ لأنه يدفع الضمان ، وإن شهادة المشتري شراء فاسدا بعد القبض لا تقبل للأجنبي لما ذكرنا ، وإن شهادة المشتري شراء صحيحا بعد الإقالة ، والرد بالعيب ، لا تقبل للبائع ؛ لأنه يستبقي لنفسه الغلات ، وإن كان المدعي يدعي الملك من تاريخ متقدم على البيع . ولو شهد بعد الفسخ بخيار الشرط أو المجلس ، فوجهان بناء على أنه يرفع العقد من أصله ، وترجع الفوائد إلى البائع أم حينه ولا يرجع .

وأنه لو كان لميت دين على شخص ، فشهد أجنبيان لرجل بأنه أخو الميت ، ثم شهد الغريمان لآخر بأنه ابنه ، لم تقبل شهادة الغريمين ، لأنهما ينقلان ما عليهما للأخ إلى الآخر بخلاف ما لو تقدمت شهادة الغريمين ، وأنه لا تقبل شهادة الوارثين على موت المورث ، ولا شهادة الموصى لهما على الموصي ، وتقبل شهادة الغريمين على موت من له الدين ، لأنهما لا ينتفعان بهذه الشهادة ، ولا ينظر إلى نقل الحق من شخص إلى شخص ؛ لأن الوارث خليفة المورث ، فكأنه هو ، ولو شهد شهود بقتل الخطإ ، فشهد اثنان من العاقلة بفسق شهود القتل ، لم تقبل شهادتهما ، لأنهما يدفعان ضرر التحمل .

ولو شهد اثنان على مفلس بدين ، فشهد غرماؤه الآخرون [ ص: 236 ] بفسقهما ، لم تقبل شهادتهم ، لأنهم يدفعون عنه ضرر المزاحمة . ولو شهد اثنان لاثنين بوصية من تركة ، فشهد المشهود لهما للشاهدين بوصية للشاهدين ، فوجهان ، أحدهما : لا تقبل الأربعة ، لتهمة المواطأة ، بوصية للشاهدين ، فوجهان ، أحدهما لا تقبل الأربعة ، لتهمة المواطأة ، والصحيح قبول الشهادتين ، لانفصال كل شهادة عن الأخرى ، ولا يجر بشهادته نفعا ، ولهذا قلنا : تقبل شهادة بعض القافلة لبعض في قطع الطريق إذا قال كل واحد منهم : أخذ مالي فلان ، ولم يقل : أخذ مالنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية