صفحة جزء
فرع

الفرع عند أداء الشهادة يبين جهة التحمل ، فإن استرعاه الأصل ، قال : أشهد أن فلانا شهد أن لفلان على فلان كذا ، وأشهدني على شهادته ، وإن لم يسترعه ، بين أنه شهد عند القاضي أو أنه أسند المشهود به إلى سبب ، قال الإمام : وذلك لأن الغالب على الناس [ ص: 292 ] الجهل بطريق التحمل ، فإن كان ممن يعلم ، ووثق به القاضي ، جاز أن يكتفى بقوله : أشهد على شهادة فلان بكذا ، ويستحب للقاضي أن يسأله بأي سبب ثبت هذا المال ، وهل أخبرك به الأصل ؟ هذا إذا لم يبين السبب .

الطرف الثاني في صفات شاهد الأصل ، وما يطرأ عليه . لا يصح تحمل الشهادة على شهادة فاسق ، أو كافر ، أو عبد ، أو صبي ، أو عدو ، لأنهم غير مقبولي الشهادة ، فلو تحمل والأصل بصفات الشهود ، ثم طرأ ما يمنع قبولها ، أو الوصول إليها ، نظر إن كان الطارئ موتا أو غيبة أو مرضا ، لم يؤثر ، وإن عرض فسق أو عداوة أو ردة ، لم تقبل شهادة الفرع ما دامت هذه الأحوال بالأصل ، فإن زالت هل يشهد الفرع بالتحمل الأول ، أم يشترط تحمل جديد ؟ وجهان ، أصحهما : الثاني ، قاله ابن سريج ، وصححه الإمام . ولو حدث الفسق ، أو الردة بعد الشهادة ، وقبل القضاء امتنع القضاء ، ولو طرأ على الأصل جنون ، فقيل : تبطل شهادة الفرع كالفسق ، والصحيح الذي قاله الجمهور : لا أثر له ، كالموت ؛ لأنه لا يوقع ريبة فيما مضى ، ويجري الوجهان فيما لو عمي ، وأولى بأن لا يؤثر ؛ لأنه لا يبطل أهلية الشهادة بالكلية . ولو أغمي عليه ، قال الإمام : إن كان غائبا لم يؤثر ، وإن كان حاضرا ، لم يشهد الفرع ، بل ينتظر زواله ؛ لأنه قريب الزوال ، ومقتضى هذا أن يكون الجواز كذلك في ( كل ) مرض يتوقع زواله ، كتوقع زوال الإغماء .

قلت : ليس كما قال الرافعي - رحمه الله - ، بل الصواب أن المرض لا يلحق بالإغماء ، وإن توقع زواله قريبا ؛ لأن المريض أهل للشهادة بخلاف المغمى عليه . والله أعلم .

ولا أثر لحدوث شيء من هذه المعاني بعد القضاء ، وكذا لو شهد الفرع في غيبة الأصل ، ثم حضر بعد القضاء ، لم يؤثر ، وإن حضر [ ص: 293 ] قبله ، امتنع القضاء ، لحصول القدرة على الأصل ، وكذا لو كذب الأصل الفرع قبل القضاء ، امتنع القضاء ، والتكذيب بعده لا يؤثر . ولو قضى القاضي بالفرع ، ثم قامت بينة بأن الأصل كذب الفرع قبل القضاء ، فالقضاء منقوض . ذكره الإمام .

فرع

هذا الذي سبق حكم صفة الأصل ، أما الفرع ، فلو تحمل الشهادة ، وهو عبد ، أو صبي ، أو فاسق ، أو أخرس ، صح تحمله ، كتحمل الأصل في هذه الأحوال ، ثم الأداء يكون بعد زوالها .

التالي السابق


الخدمات العلمية