صفحة جزء
المسألة الرابعة : اشترى ثوبا وعبدا من رجل ، فادعاه آخر ، نظر إن ساعده المشتري ، وأقر له بما ادعاه ، لم يكن له أن يرجع بالثمن على بائعه ، وإن استحلف ، فنكل ، فحلف المدعي ، وأخذ المال ، قال الشيخ أبو علي : ليس له الرجوع بالثمن أيضا بلا خلاف ، لتقصيره بالنكول ، وحلف المدعي بعد نكوله كإقراره ، ويجوز أن يفرض في هذا الخلاف بناء على أنه كالبينة .

[ ص: 28 ] قلت : هذا ضعيف أو باطل ؛ لأن المذهب أنه إنما يكون كالبينة في حق المتنازعين دون غيرهما ، وكذا نقل الشيخ أبو علي ، تحرير المذهب الاتفاق على عدم الرجوع . والله أعلم .

وإن أثبت المدعي الاستحقاق بالبينة ، وأخذ المال ، نظر إن لم يصرح في منازعته للمدعي بأنه كان ملكا لبائعي ، ولا بأنه ملكي بأن قامت البينة - وهو ساكت - فله الرجوع بالثمن قطعا ، وإن صرح بذلك ، فوجهان ، أحدهما : لا يرجع ؛ لأن المدعي ظالم باعترافه ، وأصحهما الرجوع مهما قال ذلك على وجه الخصومة ، أو اعتمد ظاهر اليد ، ثم بان خلاف ذلك بالبينة ، ويجري الوجهان فيما لو قال في الابتداء : بعني هذه الدار ، فإنها ملكك ، ثم قامت بينة بالاستحقاق ، ولا يجريان فيما لو كان الموجود مجرد الشراء ، وإن كان الشراء إقرارا للبائع بالملك ، وفرقوا بأن ذلك إقرار تضمنه الشراء ، فبطل ببطلان المبايعة ، والإقرار المستقل بخلافه ولو اشترى عبدا في الظاهر ، فقال : أنا حر الأصل ، فقد سبق أن القول قوله ، وأن على المشتري البينة على رقه ، أو على إقراره بالرق له ، أو للذي باعه إياه ، فإذا حلف حكم بحريته في الظاهر ، ثم أطلق ابن الحداد أنه لا يرجع المشتري على البائع بالثمن ، وفصل أكثرهم ، فقالوا : إن لم يصرح في منازعته بأنه رقيق رجع ، وإن صرح ، فعلى الوجهين .

فروع

من كلام القاضي أبي سعد الهروي : أقر المشتري للمدعي بالملك ، ثم أراد إقامة البينة على أنه للمدعي ، ليرجع بالثمن على البائع ، لم يمكن ؛ لأنه يثبت الملك لغيره بلا وكالة ولا نيابة ، كيف والمدعي لو أراد إقامة البينة - والحالة هذه - لم يلتفت إليه لاستغنائه عن البينة [ ص: 29 ] بالإقرار ، وله تحليف البائع ؛ لأنه ربما أقر ، فيرجع عليه ، فإن نكل ، فهل يحلف المشتري يمين الرد ، إن قلنا : النكول واليمين كالإقرار ، فنعم ، وإن قلنا : كالبينة ، فلا . ولو ادعى المسترق المبيع أنه حر الأصل ، أو اعترف به المشتري ، ثم أراد المشتري إقامة البينة أنه حر الأصل ، مكن ؛ لأن الحرية حق الله تعالى ، ولكل أحد إثباتها ، وإذا ثبتت ثبت الرجوع ، ولا يكفي في الرجوع بينة بمطلق الحرية ، لاحتمال أن المشتري هو الذي أعتقه . ولو أقام المشتري بعد ما أقر للمدعي بينة على إقرار البائع بأن المال للمدعي قبلت ، وثبت الرجوع ؛ لأنه إذا بان إقرار البائع من قبل لغا إقرار المشتري ، ولو أقام مدعي الاستحقاق البينة ، وأخذ العين ، ثم قامت بينة بأن البائع كان اشتراها من هذا المدعي سمعت ، يرد الحكم الأول ، وتكون العين للمشتري بالمبايعة السابقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية