صفحة جزء
الثاني : أن ينجم نجمين فصاعدا . ومن بعضه رقيق هل يشترط في كتابة الرقيق منه التنجيم ؟ وجهان كالتأجيل ، وهل تجوز الكتابة على مال كثير إلى نجمين قصيرين ، أو إلى طويل وقصير ، بشرط أداء الأكثر في القصير ؟ وجهان . أصحهما : نعم لإمكان القدرة ، كما لو أسلم إلى معسر في مال كثير . والثاني : لا ; لأن النادر كالمعجوز عنه ، كما في السلم ، ويجوز جعل العوض منفعة ، كبناء دار ، وخياطة ، وخدمة شهر ، كما يجوز جعل المنفعة ثمنا وأجرة ومهرا ، ولا يجوز أن يكتفي بخدمة شهر ، أو شهرين ، أو سنة ، ويقدر كل عشرة أيام نجما ، أو كل شهر ; لأن الجميع نجم واحد ، والمطالبة به ثابتة في الحال . فلو شرط صريحا كون خدمة شهر نجما ، وخدمة الشهر بعده نجما آخر ، لم يصح على الأصح المنصوص في الأم لأن منفعة الشهر الثاني متعينة ، والمنافع المتعلقة بالأعيان لا يجوز شرط تأخيرها . ولو انقطع ابتداء المدة الثانية عن آخر الأولى كخدمة رجب ورمضان ، لم يصح بلا خلاف .

ثم يشترط أن تتصل الخدمة وغيرها من المنافع المتعلقة بالأعيان بعقد الكتابة ولا تتأخر عنها ، كما [ ص: 213 ] أن عين المبيع لا يقبل التأجيل وتأخير التسليم . فلو كاتبه في رمضان على خدمة شوال لم يصح ، ولو كاتبه على دينار يؤديه في آخر هذا الشهر ، وعلى خدمة الشهر الذي بعده ، لم يصح .

وأما المنافع الملتزمة في الذمة ، كخياطة ثوب معين ، وبناء جدار موصوف ، ودار موصوفة ، فيجوز فيها التأجيل . ولو كاتبه على بناء دارين ، وجعل لكل واحدة منهما وقتا معلوما ، صح . ولو قال : كاتبتك على خدمة شهر من الآن ، وعلى دينار بعد انقضائه بيوم أو شهر ، جاز . ولو قال : وعلى دينار عند انقضائه ، فوجهان . وقيل : قولان ، الأصح المنصوص : الجواز ، قالوا : ولا بأس بكون المنفعة حالة لأن التأجيل يشترط لحصول القدرة ، وهو قادر على الاشتغال بالخدمة في الحال ، بخلاف ما لو كاتب على دينارين ، أحدهما حال ، والآخر مؤجل ، وهذا يبين أن الأجل وإن أطلقوا اشتراطه ، فليس ذلك بشرط في المنفعة التي تقدر على الشروع فيها في الحال . ولو كاتب على خدمة شهر ودينار في أثناء الشهر ، كقوله : ودينار بعد العقد بيوم ، جاز على الأصح .

ولو قال : على خدمة شهر من وقت العقد ، وعلى خياطة ثوب موصوف بعد انقضاء الشهر ، فهو كقوله : ودينار بعد انقضاء الشهر . وذكر البغوي أنه يشترط بيان العمل في الخدمة ، قال ابن الصباغ : يكفي إطلاق الخدمة ، لكن لو قال : على منفعة شهر ، لم يصح ، لاختلاف المنافع . وإذا كاتب على خدمة ودينار ، فمرض في الشهر ، وفاتت الخدمة ، انفسخت الكتابة في قدر الخدمة ، وأما الباقي فقيل : تبطل فيه قطعا ; لأنها لا تصح في بعض العبد . وقيل : هو كمن باع عبدين ، فتلف أحدهما قبل القبض ، ففي الباقي طريقان . أحدهما : لا تبطل . والثاني : قولان .

[ ص: 214 ] فرع

إذا قال لعبده : أعتقتك على أن تخدمني ، أو على أن تخدمني أبدا ، فقبل العبد ، عتق في الحال ، ورجع السيد عليه بقيمته . ولو قال : على أن تخدمني شهرا من الآن ، فقبل ، عتق ، وعليه الوفاء ، فإن تعذر بمرض وغيره ، ففيما يرجع عليه السيد به من أجرة مثل الخدمة ، أو قيمة العبد قولان ، كالصداق وبدل الخلع إذا تلفا قبل القبض . ولو قال : كاتبتك على أن تخدمني أبدا ، لم يعتق . ولو قال : على أن تخدمني شهرا ، فقبل وخدمه شهرا ، عتق ، ورجع السيد عليه بقيمته ، وهو على السيد بأجرة مثل الخدمة ; لأنها كتابة فاسدة ، وإن خدمه أقل من شهر ، لم يعتق .

التالي السابق


الخدمات العلمية