صفحة جزء
فصل

في تكبير العيد

وهو قسمان . أحدهما : في الصلاة والخطبة وقد مضى . والثاني : في غيرهما ، وهو ضربان . مرسل ، ومقيد . فالمرسل لا يقيد بحال ، بل يؤتى به في المساجد والمنازل والطرق ليلا ونهارا . والمقيد يؤتى به في أدبار الصلاة خاصة . فالمرسل مشروع في العيدين جميعا ، وأول وقته في العيدين بغروب الشمس ليلة العيد ، وفي آخر وقته طريقان . أصحهما : على ثلاثة أقوال . أظهرها : يكبرون إلى أن يحرم الإمام بصلاة العيد . والثاني : إلى أن يخرج الإمام إلى الصلاة . والثالث : إلى أن يفرغ منها . وقيل : إلى أن يفرغ من الخطبتين . والطريق الثاني : القطع بالقول الأول . ويرفع الناس أصواتهم بالمرسل في ليلتي العيدين ويوميهما إلى الغاية المذكورة [ ص: 80 ] في المنازل ، والمساجد ، والأسواق ، والطرق ، في السفر والحضر ، في طريق المصلى ، وبالمصلى . ويستثنى منه الحاج ، فلا يكبر ليلة الأضحى ، بل ذكره التلبية . وتكبير ليلة الفطر آكد من ليلة الأضحى على الجديد ، وفي القديم عكسه ، وأما المقيد ، فيشرع في الأضحى ، ولا يشرع في الفطر على الأصح عند الأكثرين . وقيل : على الجديد ، وعلى الثاني : يستحب عقب المغرب والعشاء والصبح . وحكم الفوائت والنوافل في هذه المدة على هذا الوجه يقاس بما نذكره - إن شاء الله تعالى - في الأضحى . وأما الأضحى ، فالناس فيه قسمان . حجاج ، وغيرهم . فالحجاج يبتدئون التكبير عقب ظهر يوم النحر ، ويختمونه عقب الصبح آخر أيام التشريق . وأما غير الحجاج ، ففيهم طريقان . أصحهما : على ثلاثة أقوال . أظهرها : أنهم كالحجاج . والثاني : يبتدئون عقب المغرب ليلة النحر إلى صبح الثالث من أيام التشريق . والثالث : عقب الصبح من يوم عرفة ويختمونه عقب العصر آخر أيام التشريق . قال الصيدلاني وغيره : وعليه العمل في الأمصار .

قلت : وهو الأظهر عند المحققين ، للحديث . - والله أعلم - .

والطريق الثاني : القطع بالقول الأول . ولو فاتته فريضة في هذه الأيام ، فقضاها في غيرها ، لم يكبر . ولو فاتته في غير هذه الأيام أو فيها فقضاها فيها ، كبر على الأظهر . ويكبر عقب النوافل الراتبة ، ومنها صلاة العيد ، وعقب النافلة المطلقة ، وعقب الجنازة على المذهب في الجميع . وإذا اختصرت فقيل : أربعة أوجه . أصحها : يكبر عقب كل صلاة مفعولة في هذه الأيام . والثاني : يختص بالفرائض المفعولة فيها ، مؤداة كانت أو مقضية . والثالث : يختص بفرائضها مقضية كانت أو مؤداة . والرابع : لا يكبر إلا عقب مؤداتها والسنن الراتبة . ولو نسي التكبير خلف الصلاة فتذكر والفصل قريب ، كبر وإن فارق مصلاه . فلو طال الفصل ، كبر أيضا على الأصح . والمسبوق إنما يكبر إذا أتم صلاة نفسه .

قال إمام الحرمين : [ ص: 81 ] وجميع ما ذكرناه هو في التكبير الذي يرفع به صوته ويجعله شعارا . أما لو استغرق عمره بالتكبير في نفسه ، فلا منع منه .

فرع

صفة هذا التكبير أن يكبر ثلاثا نسقا على المذهب . وحكي قول قديم أنه يكبر مرتين . قال الشافعي - رحمه الله - : وما زاد من ذكر الله ، فحسن . واستحسن في ( الأم ) أن تكون زيادته : ( الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله والله أكبر ) . وقال في القديم : بعد الثلاث : ( الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، الله أكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أبلانا وأولانا ) . قال صاحب ( الشامل ) والذي يقوله الناس لا بأس به أيضا ، وهو : ( الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) .

قلت : هو الذي ذكره صاحب ( الشامل ) نقله صاحب ( البحر ) عن نص الشافعي - رحمه الله - في ( البويطي ) وقال : والعمل عليه . - والله أعلم - .

فرع

يستوي في التكبير المرسل والمقيد ، المنفرد والمصلي جماعة ، والرجل والمرأة ، والمقيم والمسافر .

[ ص: 82 ] قلت : لو كبر الإمام على خلاف اعتقاد المأموم ، فكبر من يوم عرفة والمأموم لا يرى التكبير فيه ، أو عكسه ، فهل يوافق في التكبير وتركه ، أم يتبع اعتقاد نفسه ؟ وجهان . الأصح : اعتقاد نفسه ، بخلاف ما قدمناه في تكبير نفس الصلاة . - والله أعلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية