صفحة جزء
[ ص: 65 ] باب

الاستنجاء

الاستنجاء واجب . ولقضاء الحاجة آداب . منها : أن يستر عورته عن العيون بشجرة ، أو بقية جدار ، ونحوهما ، فإن كان في بناء يمكن تسقيفه ، كفى ، ولو جلس في وسط عرصة دار واسعة ، أو بستان ، فليستر بقدر مؤخرة الرحل ، وليكن بينه وبينها ثلاثة أذرع فما دونها . ولو أناخ راحلته وتستر بها ، أو جلس في وهدة ، أو نهر ، أو أرخى ذيله ، حصل الغرض . ومنها : أن لا يستقبل الشمس ، ولا القمر بفرجه ، لا في الصحراء ولا في البنيان . وهو نهي تنزيه .

قال جماعة : ويجتنب الاستدبار أيضا . والجمهور : اقتصروا على النهي عن الاستقبال . ومنها : إن كان في بناء ، أو بين يديه ساتر ، فالأدب أن لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها . فإن كان في صحراء ولم يستتر بشيء ، حرم استقبالها واستدبارها ، ولا يحرم ذلك في البناء . ومنها : أن لا يتخلى في متحدث الناس ، وأن لا يبول في الماء الراكد الكثير ، والنهي عن القليل أشد ، وفي الليل أشد . وأن لا يبول في ثقب ، وأن لا يجلس تحت شجرة مثمرة لغائط ، ولا بول ، ولا يبول في مهب ريح . وأن يعتمد في جلوسه على رجله اليسرى ، وأن يعد أحجار الاستنجاء عنده قبل جلوسه ، وأن لا يستنجي بالماء ، موضع قضاء الحاجة ; بل ينتقل عنه . فإن كان يستنجي بالحجر ، لم ينتقل .

قلت : هذا في غير الأخلية المتخذة لذلك . أما الأخلية ، فلا ينتقل منها للمشقة ، ولأنه لا يناله رشاش . والله أعلم .

[ ص: 66 ] وأن لا يستصحب ما فيه شيء من القرآن ، أو ذكر الله سبحانه وتعالى ، أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، كخاتم ودرهم ونحوهما ، ولا يختص هذا الأدب بالبنيان ، بل يعم الصحراء على الصحيح . فلو غفل عن نزع الخاتم حتى اشتغل بقضاء الحاجة ، ضم كفه عليه . وأن يقدم في الدخول رجله اليسرى ، وفي الخروج اليمنى ، وسواء في هذا الأدب ، الصحراء والبنيان على الصحيح ، فيقدم اليسرى إذا بلغ مقعده في الصحراء ، ويقدم اليمنى في انصرافه ، وقيل : يختص بالبنيان . وأن يستبرئ بتنحنح ، ونتر ذكره عند انقطاع البول ، ويكره حشو الإحليل بقطن ونحوه .

قلت : يكره استقبال بيت المقدس ، واستدباره ، ببول أو غائط ، ولا يحرم ، ولا يكره الجماع مستقبل القبلة ، ولا مستدبرها ، لا في بناء ولا في صحراء عندنا . واستصحاب ما عليه ذكر الله تعالى على الخلاء مكروه ، لا حرام . والسنة أن يقول عند دخول الخلاء : ( باسم الله ، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) . ويقول إذا خرج : ( غفرانك ، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ) . وسواء في هذا البنيان والصحراء ، ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ، ويسبله عليه إذا قام قبل انتصابه . ويكره أن يذكر الله تعالى ، أو يتكلم بشيء قبل خروجه ، إلا لضرورة . فإن عطس حمد الله تعالى بقلبه ، ولا يحرك لسانه ، وكذا يفعل في حال الجماع ، والسنة أن يبعد عن الناس ، وأن يبول في مكان لين لا يرتد عليه فيه بوله . ويكره في قارعة الطريق ، وعند القبور ، ويحرم البول على القبر . وفي المسجد فهو حرام على الأصح . ويستحب أن لا يدخل الخلاء حافيا . ولا مكشوف الرأس ، وأن لا ينظر إلى ما يخرج منه ، ولا إلى فرجه ، ولا إلى السماء ، ولا يعبث بيده ، ولا يكره البول في الإناء ، ويكره قائما بلا عذر ، ويكره إطالة القعود على الخلاء .

[ ص: 67 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية