صفحة جزء
النقص الرابع : الصغر ، وللماشية في هذا الفصل ثلاثة أحوال . أحدها : أن تكون كلها أو بعضها في سن الفرض ، فيؤخذ لواجبها سن الفرض ، ولا يؤخذ ما دونه ، ولا يكلف ما فوقه . الثاني : أن تكون كلها فوق سن الفرض ، فلا يكلف الإخراج منها ، بل يحصل السن الواجبة ويخرجها ، وله الصعود والنزول في الإبل كما سبق . الثالث : أن يكون الجميع في سن دونها ، وقد يستبعد تصور هذا ، فإن أحد شروط الزكاة الحول ، وإذا حال الحول فقد بلغت الماشية حد الإجزاء . وقد صورها الأصحاب فيما إذا حدثت من الماشية في أثناء الحلول فصلان ، أو عجول ، أو سخال ، ثم ماتت الأمهات ، وتم حولها والنتاج صغار بعد ، وهذا تفريع على المذهب أن النتاج يبنى على حولها . وأما على قول الأنماطي : إنه ينقطع الحول بموت الأمهات ، بل بنقصانها عن النصاب ، فلا تجيء هذه الصورة بهذا الطريق ، ويمكن أن تصور ذلك فيما إذا ملك نصابا من صغار المعز ومضى عليها حول ، فتجب الزكاة وإن لم تبلغ سن الإجزاء ؛ لأن الثنية من المعز - على الأصح - هي التي استكملت سنتين كما تقدم . إذا عرف التصوير ففيما يؤخذ ؟ وجهان .

وقال صاحب التهذيب وغيره : قولان . القديم : لا يؤخذ إلا كبيرة ، لكن دون الكبيرة المأخوذة من الكبار في القيمة .

وكذا إذا انقسم ماله إلى صغار وكبار ، يؤخذ كبيرة بالقسط كما سبق في نظائره ، فإن لم توجد كبيرة بما يقتضيه التقسيط ، أخذت القيمة للضرورة . ذكره المسعودي في الإيضاح .

والقول الجديد : لا يتعين الكبيرة ، بل تجوز الصغيرة كالمريضة من المراض . فعلى هذا ، هل تؤخذ الصغيرة مطلقا ، أم كيف الحال ؟ قطع الجمهور بأخذ الصغيرة من صغار الغنم ، وذكروا في الإبل والبقر ثلاثة أوجه أصحها : يجوز أخذ [ ص: 168 ] الصغار مطلقا كالغنم ، ولكن يجتهد الساعي ويحترز عن التسوية بين القليل والكثير ، فيأخذ من ست وثلاثين فصيلا فوق الفصيل المأخوذ في خمس وعشرين ، ومن ست وأربعين فصيلا فوق المأخوذ من ست وثلاثين ، وعلى هذا القياس .

والوجه الثاني : لا تجزئ الصغيرة ؛ لئلا تؤدي إلى التسوية بين القليل والكثير ، لكن يؤخذ كبيرة بالقسط كما سبق في نظائره .

والثالث : لا يؤخذ فصيل من أحد وستين فما دونها ، ويؤخذ مما فوقها ، وكذا من البقر . قال الأصحاب : هذا الوجه ضعيف لشيئين ، أحدهما أن التسوية التي تلزم في أحد وستين فما دونها تلزم في أحد وتسعين ، فإن الواجب في ست وسبعين بنتا لبون ، وفي إحدى وتسعين حقتان ، فإن أخذنا فصيلين في هذا وفي ذلك ، سوينا ، فإن وجب الاحتراز عن التسوية فليحترز عن هذه الصورة . الثاني أن هذه التسوية تلزم في البقر ، في ثلاثين وأربعين ، وقد عبر قوم من الأصحاب عن هذا الوجه بعبارة تدفع هذين الشيئين ، فقالوا : تؤخذ الصغيرة حيث لا تؤدي إلى التسوية ، ومنهم من خص المنع على هذا الوجه بست وثلاثين فما فوقها ، وجوز إخراج فصيل عن خمس وعشرين ، إذ لا تسوية في تجويزه وحده .

التالي السابق


الخدمات العلمية