صفحة جزء
الشرط الرابع : بقاء الملك في الماشية جميع الحول ، فلو زال الملك في خلال الحول انقطع الحول ، ولو بادل ماشيته بماشية من جنسها أو من غيره استأنف كل واحد منهما الحول ، وكذا لو بادل الذهب بالذهب أو بالورق ، استأنف الحول إن لم يكن صيرفيا يقصد التجارة به ، فإن كان ، فقولان ، وقيل : وجهان ، أظهرهما : ينقطع ، والثاني : لا . هذا كله في المبادلة الصحيحة . أما [ ص: 187 ] الفاسدة ، فلا تقطعه سواء اتصل بها القبض أم لا . ثم لو كانت سائمة وعلفها المشتري ، قال في التهذيب : هو كعلف الغاصب ، وفي قطعه الحول وجهان . قال ابن كج : عندي أنه ينقطع ؛ لأنه مأذون له ، فهو كالوكيل ، بخلاف الغاصب ، ولو باع معلوفة بيعا فاسدا ، فأسامها المشتري ، فهو كإسامة الغاصب .

فرع

لو باع النصاب ، أو بادل قبل تمام الحول ، ووجد المشتري به عيبا قديما ، نظر ، إن لم يمض عليه حول من يوم الشراء ، فله الرد بالعيب ، والمردود عليه يستأنف الحول ، سواء رد قبل القبض أو بعده ، وإن مضى حول من يوم الشراء ووجبت فيه الزكاة ، نظر ، إن لم يخرجها بعد فليس له الرد ، سواء إن قلنا : الزكاة تتعلق بالعين ، أو بالذمة ؛ لأن للساعي أخذ الزكاة من عينها لو تعذر أخذها من المشتري ، وذلك عيب حادث ، ولا يبطل حق الرد بالتأخير إلى أن يؤدي الزكاة ؛ لأنه غير متمكن منه قبله ، وإنما يبطل بالتأخير مع التمكن ، ولا فرق في ذلك بين عروض التجارة والماشية التي تجب زكاتها من غير جنسها وهي الإبل دون خمس وعشرين ، وبين سائر الأموال . وفي كلام ابن الحداد تجويز الرد قبل إخراج الزكاة ، ولم يثبتوه وجها . وإن أخرج الزكاة ، نظر ، إن أخرجها من مال آخر بني جواز الرد على أن الزكاة تتعلق بالعين ، أم بالذمة ، وفيه خلاف يأتي إن شاء الله تعالى .

فإن قلنا بالذمة والمال مرهون به فله الرد ، كما لو رهن ما اشتراه ثم انفك الرهن ووجد به عيبا . وإن قلنا : المساكين شركاء ، فهل له الرد ؟ فيه طريقان ، أحدهما وهو الصحيح عند الشيخ أبي علي وقطع به كثيرون : له الرد .

والثاني : وبه قطع العراقيون والصيدلاني وغيره أنه على وجهين ، كما لو اشترى شيئا وباعه وهو غير عالم بعيب ، ثم اشتراه أو ورثه [ ص: 188 ] ، هل له رده ؟ فيه خلاف . ولنا وجه أنه ليس له الرد على غير قول الشركة أيضا ، لأن ما أخرجه عن الزكاة قد يظهر مستحقا فيتبع الساعي عين النصاب . ومنهم من خص الوجه بقدر الزكاة ، وجعل الزائد على قولي تفريق الصفقة ، وهذا الوجه شاذ منكر ، وإن أخرج الزكاة من نفس المال ، فإن كان الواجب من جنس المال أو من غيره فباع منه بقدر الزكاة ، فهل له رد الباقي ؟ فيه ثلاثة أقوال ، المنصوص عليه في الزكاة : ليس له ذلك ، وهذا إذا لم نجوز تفريق الصفقة . وعلى هذا ، هل يرجع بالأرش ؟ وجهان .

أحدهما : لا يرجع إن كان المخرج باقيا في يد المساكين ، فإنه قد يعود إلى ملكه فيرد الجميع ، وإن كان تالفا رجع . والثاني : يرجع مطلقا ، وهو ظاهر النص ؛ لأن نقصانه كعيب حادث ، فلو حدث عيب رجع بالأرش ولم ينتظر زوال العيب . والقول الثاني : يرد الباقي بحصته من الثمن ، وهذا إذا جوزنا تفريق الصفقة . والقول الثالث : يرد الباقي وقيمة المخرج في الزكاة ، ويسترد جميع الثمن ليحصل غرض الرد ، ولا تتبعض الصفقة . ولو اختلفا في قيمة المخرج على هذا القول فقال البائع : ديناران ، وقال المشتري : دينار - فقولان . أحدهما : القول قول المشتري ؛ لأنه غارم . والثاني : قول البائع ؛ لأن ملكه ثابت على الثمن ، فلا يسترد منه إلا ما أقر به .

فرع

حكم الإقالة حكم الرد بالعيب في جميع ما ذكرنا ، ولو باع النصاب في أثناء الحول بشرط الخيار وفسخ البيع ، فإن قلنا : الملك في زمن الخيار للبائع أو موقوف - بنى على حوله . وإن قلنا : الملك للمشتري ، استأنف البائع بعد الفسخ .

[ ص: 189 ] فرع

لو ارتد في أثناء الحول ، إن قلنا : يزول ملكه بالردة انقطع الحول . فإن أسلم استأنف . وفيه وجه أنه لا ينقطع ، بل يبني كما يبني الوارث على قول . وإن قلنا : لا يزول ، فالحول مستمر وعليه الزكاة عند تمامه . وإن قلنا : ملكه موقوف ، فإن هلك على الردة تبينا الانقطاع من وقت الردة ، وإن أسلم تبينا استمرار الملك . ووجوب الزكاة على المرتد في الأحوال الماضية في الردة مبني على هذا الخلاف .

فرع

إذا مات في أثناء الحول وانتقل المال إلى وارثه ، هل يبنى على حول الميت ؟ قولان ، القديم : نعم ، والجديد : لا بل يبتدئ حولا ، وقيل : يبتدئ قطعا ، وأنكر القديم .

قلت : المذهب أنه يبتدئ حولا ، سواء أثبتنا الخلاف أم لا ، والله أعلم .

فإذا قلنا : لا يبني فكان مال تجارة ، لم ينعقد الحول عليه حتى يتصرف الوارث بنية التجارة ، وإن كان سائمة ولم يعلم الوارث الحال حتى حال الحول ، فهل تلزمه الزكاة ، أم يبتدئ الحول من وقت علمه ؟ فيه خلاف مبني على أن قصد السوم هل يعتبر ؟ وسيأتي إن شاء الله تعالى .

فرع

[ ص: 190 ] لا فرق في انقطاع الحول بالمبادلة والبيع في أثنائه بين أن يكون محتاجا إليه ، وبين أن لا يكون ، بل قصد الفرار من الزكاة ، إلا أنه يكره الفرار كراهة تنزيه ، وقيل : تحريم ، وهو خلاف المنصوص ، وخلاف ما قطع به الجمهور .

التالي السابق


الخدمات العلمية