صفحة جزء
الشرط الخامس : السوم ، فلا تجب الزكاة في النعم إلا أن تكون سائمة ، فإن علفت في معظم الحول ليلا ونهارا ، فلا زكاة ، وإن علفت قدرا يسيرا لا يتمول ، فلا أثر له قطعا . والزكاة واجبة . وإن أسيمت في بعض الحول وعلفت دون معظمه ، فأربعة أوجه . أحدها ، وهو الذي قطع به الصيدلاني وصاحب المهذب وكثير من الأئمة : إن علفت قدرا تعيش الماشية بدونه لم يؤثر ، ووجبت الزكاة ، وإن كان قدرا تموت لو لم ترع معه لم تجب الزكاة ، قالوا : والماشية تصبر اليومين ، ولا تصبر الثلاثة .

قال إمام الحرمين : ولا يبعد أن يلحق الضرر البين بالهلاك على هذا الوجه ، والوجه الثاني : إن علفت قدرا يعد مئونة بالإضافة إلى رمق السائمة فلا زكاة ، وإن احتقر بالإضافة إليه وجبت الزكاة ، وفسر الرمق بدرها ، ونسلها ، وأصوافها ، وأوبارها ، ويجوز أن يقال : المراد رمق إسامتها . والثالث : لا ينقطع الحول ولا تمتنع زكاة إلا بالعلف في أكثر السنة .

وقال إمام الحرمين : على هذا الوجه لو استويا ففيه تردد ، والظاهر السقوط . والرابع : كل ما يتمول من العلف وإن قل ، يقطع السوم ، فإن أسيمت بعده استأنفت الحول . ولعل الأقرب تخصيص هذه الأوجه بما إذا لم يقصد بعلفه شيئا ، فإن قصد به قطع السوم انقطع الحول لا محالة ، كذا ذكره [ ص: 191 ] صاحب " العدة " وغيره : ولا أثر لمجرد نية العلف ، ولو كانت تعلف ليلا وترعى نهارا في جميع السنة كان على الخلاف .

قلت : ولو أسيمت في كلأ مملوك ، فهل هي سائمة أم معلوفة ؟ وجهان حكاهما في البيان ، وأصح الأوجه الأربعة أولها ، وصححه في المحرر ، والله أعلم .

فرع

السائمة التي تعمل كالنواضح وغيرها ، فيها وجهان . أصحهما : لا زكاة فيها ، وبه قطع معظم العراقيين ؛ لأنها كثياب البدن ومتاع الدار ، والثاني : تجب .

فرع

هل يعتبر القصد في العلف والسوم ؟ وجهان يتفرع عليهما مسائل :

منها : لو اعتلفت السائمة بنفسها القدر المؤثر ، ففي انقطاع الحول وجهان ، الموافق منهما لاختيار الأكثرين في نظائرها : أنه ينقطع ؛ لأنه فات شرط السوم ، فصار كفوات سائر شروط الزكاة ، لا فرق بين فقدها قصدا أو اتفاقا ، ولو سامت الماشية بنفسها ، ففي وجوب الزكاة الوجهان .

وقيل : لا تجب هنا قطعا ، ولو علف ماشيته لامتناع الرعي بالثلج ، وقصد ردها إلى الإسامة عند الإمكان ، انقطع الحول على الأصح ؛ لفوات الشرط . ولو غصب سائمة فعلفها فلنا خلاف يأتي إن شاء الله تعالى في أن المغصوب هل فيه زكاة أم لا ؟

إن قلنا : لا زكاة فيه ، فلا شيء ، وإلا فأوجه أصحها عند الأكثرين : لا زكاة ؛ لفوات الشرط . والثاني : تجب ؛ لأن فعله كالعدم .

[ ص: 192 ] والثالث : إن علفها بعلف من عنده ، لم ينقطع ، وإلا انقطع . ولو غصب معلوفة فأسامها ، وقلنا : تجب الزكاة في المغصوب - فوجهان ، أصحهما : لا تجب . والثاني : تجب ، كما لو غصب حنطة وبذرها يجب العشر فيما ينبت ، فإن أوجبناها فهل تجب على الغاصب لأنها مئونة وجبت بفعله ، أم على المالك لأن نفع حقه في المئونة عائد إليه ؟ فيه وجهان ، فإن قلنا : على المالك ، ففي رجوعه بها على الغاصب طريقان :

أحدهما : القطع بالرجوع ، وأشهرهما على وجهين . أصحهما : الرجوع . فإن قلنا : يرجع ، فيرجع قبل إخراج الزكاة أم بعده ؟ وجهان . وقياس المذهب أن الزكاة إن وجبت كانت على المالك ، ثم يغرم الغاصب . أما إيجاب الزكاة على غير المالك فبعيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية