صفحة جزء
الشرط السادس : كمال الملك ، وفي هذا الشرط خلاف يظهر بتفريع مسائله . فإذا ضل ماله ، أو غصب ، أو سرق ، وتعذر انتزاعه ، أو أودعه فجحد ، أو وقع في بحر ، ففي وجوب الزكاة فيه ثلاثة طرق ، أصحها أن المسألة على قولين ، أظهرهما وهو الجديد : وجوبها ، والقديم : لا تجب . والطريق الثاني : القطع بالوجوب ، والثالث : إن عادت بتمامها وجبت ، وإلا فلا .

فإن قلنا بالطريق الأول ، فالمذهب أن القولين جاريان مطلقا ، وقيل : موضعهما إذا عاد المال بلا نماء ، فإن عاد معه وجب الزكاة قطعا . وعلى هذا التفصيل ، لو عاد بعض النماء كان كما لو لم يعد معه شيء .

ومعنى العود بلا نماء : أن يتلفه الغاصب ويتعذر تغريمه . فأما إن غرم ، أو تلف في يده شيء كان يتلف في يد المالك أيضا ، فهو كما لو عاد النماء بعينه ، هذا كله إذا عاد المال إليه ، ولا خلاف أنه لا يجب إخراج الزكاة قبل عود المال إليه ، فلو تلف في الحيلولة بعد مضي أحوال سقطت الزكاة على قول الوجوب ؛ لأنه لم يتمكن ، والتلف قبل التمكن يسقط الزكاة . وموضع الخلاف في الماشية المغصوبة إذا كانت سائمة في يد المالك والغاصب ، فإن علفت في يد أحدهما عاد النظر المتقدم قريبا في إسامة الغاصب [ ص: 193 ] وعلفه هل يؤثران ؟ وزكاة الأحوال الماضية إنما تجب على قول الوجوب إذا لم تنقص الماشية عن النصاب بما تجب الزكاة ، بأن كان فيها وقص . أما إذا كانت نصابا فقط ومضت الأحوال فالحكم على هذا القول كما لو كانت في يده ومضت الأحوال ما يخرج منها زكاة ، وسنذكره إن شاء الله تعالى .

فرع

لو كان له أربعون شاة ، فضلت واحدة ثم وجدها ، إن قلنا : لا زكاة في الضال ، استأنف الحول ، سواء وجدها قبل تمام الحول أو بعده ، فإن أوجبناها في الضال ووجدها قبل تمام الحول ، بنى ، وإن وجدها بعده زكى الأربعين .

فرع

لو دفن ماله بموضع ثم نسيه ، ثم تذكر - فهذا ضال ، ففيه الخلاف سواء دفن في داره أو في غيرها ، وقيل : تجب الزكاة هنا قطعا لتقصيره .

فرع

لو أسر المالك وحيل بينه وبين ماله ، وجبت الزكاة على المذهب ؛ لنفوذ تصرفه . وقيل : فيه الخلاف ، ولو اشترى مالا زكويا فلم يقبضه حتى مضى حول في يد البائع ، فالمذهب وجوب الزكاة على المشتري ، وبه قطع الجمهور . وقيل : لا تجب قطعا ؛ لضعف الملك . وقيل : فيه الخلاف في المغصوب ، ولو رهن ماشية أو غيرها من أموال الزكاة ، فالمذهب وبه قطع الجمهور : وجوب الزكاة . وقيل [ ص: 194 ] وجهان بناء على المغصوب لامتناع التصرف . والذي قاله الجمهور تفريع على أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة ، وهو الراجح . ولنا فيه خلاف يأتي قريبا إن شاء الله تعالى . وإذا أوجبنا الزكاة في المرهون ، فمن أين يخرج ؟ فيه كلام يأتي قبيل زكاة المعشرات .

فرع

الدين الثابت على الغير له أحوال . أحدها : أن لا يكون لازما كمال الكتابة ، فلا زكاة فيه . والثاني : أن يكون لازما ، وهو ماشية ، فلا زكاة أيضا . الثالث : أن يكون دراهم أو دنانير أو عروض تجارة ، فقولان ، القديم : لا زكاة في الدين بحال ، والجديد وهو المذهب الصحيح المشهور : وجوبها في الدين على الجملة . وتفصيله أنه إن تعذر الاستيفاء لإعسار من عليه الدين أو جحوده ولا بينة ، أو مطله ، أو غيبته - فهو كالمغصوب تجب الزكاة على المذهب .

وقيل : تجب في الممطول ، وفي الدين على مليء غائب قطعا ، ولا يجب الإخراج قبل حصوله قطعا ، وإن لم يتعذر استيفاؤه ، بأن كان على مليء باذل ، أو جاحد عليه بينة ، أو يعلمه القاضي ، وقلنا : يقضى بعلمه ، فإن كان حالا وجبت الزكاة ولزم إخراجها في الحال ، وإن كان مؤجلا فالمذهب أنه على القولين في المغصوب . وقيل : تجب الزكاة قطعا . وقيل : لا تجب قطعا . فإن أوجبناها ، لم يجب الإخراج حتى يقبضه على الأصح . وعلى الثاني : تجب في الحال .

فرع

المال الغائب إن لم يكن مقدورا عليه لانقطاع الطريق أو انقطاع خبره ، فكالمغصوب . وقيل : تجب قطعا ، ولا يجب الإخراج حتى يصل إليه ، وإن كان [ ص: 195 ] مقدورا عليه وجب إخراج زكاته في الحال ، ويخرجها في بلد المال ، فإن أخرجها في غيره ففيه خلاف نقل الزكاة . وهذا إذا كان المال مستقرا في بلد ، فإن كان سائرا ، قال في " العدة " : لا يخرج زكاته حتى يصل إليه ، فإذا وصل إليه زكى لما مضى بلا خلاف .

التالي السابق


الخدمات العلمية