صفحة جزء
باب تعجيل الزكاة

التعجيل جائز في الجملة ، هذا هو الصواب المعروف . وحكى الموفق أبو طاهر ، عن أبي عبيد بن حربويه من أصحابنا منع التعجيل ، وليس بشيء ، ولا تفريع عليه . ثم مال الزكاة ضربان : متعلق بالحول ، وغير متعلق .

فالأول : يجوز تعجيل زكاته قبل الحول ، ولا يجوز قبل تمام النصاب في الزكاة العينية . أما إذا اشترى عرضا للتجارة يساوي مائة درهم ، فعجل زكاة مائتين ، وحال الحول وهو يساوي مائتين ، فيجزئه المعجل عن الزكاة ، على المذهب ؛ لأن الاعتبار في العروض بآخر الحول ، ولو ملك أربعين شاة معلوفة ، فعجل شاة عازما أن يسميها حولا ، لم يقع عن الزكاة إذا أسامها ؛ لأن المعلوفة ليست مال زكاة ، فهي كما دون النصاب . وإنما يعجل بعد انعقاد حول . فلو عجل زكاة عامين فصاعدا ، لم يجزئه عما عدا السنة الأولى على الأصح عند الأكثرين . منهم معظم العراقيين وصاحب التهذيب ، وحملوا الحديث الوارد في تسلف صدقة عامين من العباس على التسلف دفعتين . فإن جوزنا ما زاد ، فذلك إذا بقي معه في بعد التعجيل نصاب كامل ، بأن ملك ثنتين وأربعين ، فعجل شاتين . فإن لم يبق نصاب كامل ، بأن ملك إحدى وأربعين فعجل شاتين منها ، فوجهان . أصحهما : لا يجوز ، فإن جوزنا صدقة عامين ، فهل يجوز أن ينوي تقديم زكاة للسنة الثانية على الأولى ؟ وجهان كتقديم صلاة الثانية على الأولى في الجمع في وقت الثانية .

[ ص: 213 ] حكاه أبو الفضل بن عبدان . ولو ملك نصابا فعجل زكاة نصابين ، فإن كان للتجارة بأن اشترى للتجارة عرضا بمائتين ، فعجل زكاة أربعمائة ، فجاء الحول وهو يساوي أربعمائة - أجزأه على المذهب . وقيل : في المائتين الزائدتين وجهان . فإن كان زكاة عين ، بأن ملك مائتي درهم ، وتوقع حصول مائتين من جهة أخرى ، فعجل زكاة أربعمائة ، فحصل ما توقعه - لم يجزئه ما أخرجه عن الحادث . وإن توقع حصوله من عين ما عنده ، بأن ملك مائة وعشرين شاة ، فعجل شاتين ثم حدثت سخلة ، أو ملك خمسا من الإبل ، فعجل شاتين ، فبلغت بالتوالد عشرا ، فهل يجزئه ما أخرجه عن النصاب الذي كمل الآن ؟ وجهان . أصحهما عند الأكثرين من العراقيين وغيرهم : لا يجزئه . ولو عجل شاة عن أربعين فولدت أربعين ، فهلكت الأمات ، فهل يجزئه ما أخرج من السخال ؟ وجهان .

قلت : أصحهما : لا يجزئه ، والله أعلم .

الضرب الثاني : ما لا يتعلق وجوب الزكاة فيه بالحول ، فمنه زكاة الفطر ، فيجوز تعجيلها بعد دخول رمضان ، هذا هو الصحيح . وفي وجه : يجوز في أول يوم من رمضان ، لا من أول ليلة . وفي وجه : يجوز قبل رمضان . وأما زكاة الثمار ، فتجب ببدو الصلاح ، وزكاة الزرع باشتداد الحب . وليس المراد وجوب الأداء ، بل المراد أن حق الفقراء يثبت حينئذ ، والإخراج يجب بعد الجفاف وتنقية الحبوب . وإذا ثبت هذا فالإخراج بعد مصير الرطب تمرا ، والعنب زبيبا ليس بتعجيل ، بل هو واجب حينئذ ، ولا يجوز التقديم قبل خروج الثمرة ، وفيما بعده أوجه . الصحيح أنه يجوز التعجيل بعد بدو الصلاح لا قبله ، والثاني : يجوز قبله من حين خروج الثمرة ، والثالث : لا يجوز قبل الجفاف . وأما الزروع ، فالإخراج بعد التنقية واجب وليس بتعجيل ، ولا يجوز التعجيل قبل التسنبل وانعقاد الحب . وبعده : ثلاثة أوجه ، الصحيح : جوازه بعد الاشتداد والإدراك ، ومنعه قبله . والثاني : جوازه بعد التسنبل وانعقاد الحب . والثالث : لا يجوز قبل التنقية .

[ ص: 214 ] فرع

عد الأئمة ما يقدم على وقت وجوبه من الحقوق المالية وما لا يقدم في هذا الباب .

فمنها : كفارة اليمين ، والقتل ، والظهار ، وجزاء الصيد ، وهي مذكورة في أبوابها .

ومنها : لا يجوز للشيخ الهرم والحامل والمريض تقديم الفدية على رمضان . ولا يجوز تقديم الأضحية على يوم النحر قطعا ، ولا كفارة الوقاع في شهر رمضان على الأصح ، ولو قال : إن شفى الله مريضي فلله علي عتق رقبة ، فأعتق قبل الشفاء - لا يجزئه على الأصح ، ولا يجوز تقديم زكاة المعدن والركاز على الحصول .

التالي السابق


الخدمات العلمية