صفحة جزء
فصل

لا فرق بين ما تنبته الأرض المملوكة والمستأجرة في وجوب العشر ، فيجب على مستأجر الأرض العشر مع الأجرة ، وكذا يجب عليه العشر والخراج في الأرض الخراجية . قال أصحابنا : وتكون الأرض خراجية في صورتين :

إحداهما : أن يفتح الإمام بلدة قهرا ويقسمها بين الغانمين ، ثم يعوضهم عنها ، ثم يقفها على المسلمين ويضرب عليها خراجا ، كما فعل عمر - رضي الله عنه - بسواد العراق ، على ما هو الصحيح فيه .

الثانية : أن يفتح بلدة صلحا ، على أن تكون الأرض للمسلمين ، ويسكنها الكفار بخراج معلوم ، فالأرض تكون فيئا للمسلمين ، والخراج عليها أجرة لا تسقط بإسلامهم ، وهكذا إذا انجلى الكفار عن بلدة وقلنا : إن الأرض تصير وقفا على مصالح المسلمين ، يضرب عليها خراجا يؤديه من يسكنها مسلما كان أو ذميا .

فأما إذا فتحت صلحا ولم يشرط كون الأرض للمسلمين ، ولكن سكنوا فيها بخراج ، فهذا يسقط بالإسلام ، فإنه جزية ، وأما البلاد التي فتحت قهرا وقسمت بين الغانمين ، وبقيت في أيديهم ، وكذا التي أسلم أهلها عليها ، والأرض التي أحياها المسلمون - فكلها عشرية ، وأخذ الخراج منها ظلم .

[ ص: 235 ] فرع

النواحي التي يؤخذ منها الخراج ، ولا يعرف كيف كان حالها في الأصل ، حكى الشيخ أبو حامد عن نص الشافعي رحمة الله عليه أنه يستدام الأخذ منها ، فإنه يجوز أن يكون الذي فتحها صنع بها كما صنع عمر - رضي الله عنه - بسواد العراق ، والظاهر أن ما جرى لطول الدهر ، جرى بحق . فإن قيل : هل يثبت فيها حكم أرض السواد من امتناع البيع والرهن ؟ قيل : يجوز أن يقال : الظاهر في الأخذ كونه حقا ، وفي الأيدي الملك ، فلا نترك واحدا من الظاهرين ، إلا بيقين .

فرع

الخراج المأخوذ ظلما لا يقوم مقام العشر ، فإن أخذه السلطان على أن يكون بدلا عن العشر فهو كأخذ القيمة بالاجتهاد ، وفي سقوط الفرض به وجهان ، أحدهما وبه قطع في " التتمة " : السقوط ، فإن لم يبلغ قدر العشر أخرج الباقي ، وذكر في النهاية أن بعض المصنفين حكى قريبا من هذا عن أبي زيد واستبعده .

قلت : الصحيح : السقوط ، وهو نصه في الأم ، وبه قطع جماهير الأصحاب كالشيخ أبي حامد ، والمحاملي ، والماوردي ، والقاضي أبي الطيب ، ومن المتقدمين ابن أبي هريرة ، ومنعه أبو إسحاق ، والله أعلم .

[ ص: 236 ] فصل

ثمار البستان وغلة القرية الموقوفين على المساجد ، أو الرباطات ، أو القناطر ، أو الفقراء ، أو المساكين ، لا زكاة فيها ؛ إذ ليس لها مالك معين ، هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور ، ونقل ابن المنذر عن الشافعي - رحمه الله تعالى - وجوب الزكاة فيها . فأما الموقوف على جماعة معينين ، فتقدم بيانه في باب الخلطة .

التالي السابق


الخدمات العلمية