صفحة جزء
[ ص: 277 ] فصل فيما إذا كان مال التجارة تجب الزكاة في عينه

فإن كان عبيد تجارة وجبت فطرتهم مع زكاة التجارة . ولو كان مال التجارة نصابا من السائمة ، لم تجمع فيه زكاة التجارة والعين . وفيما تقدم منهما قولان ، أظهرهما وهو الجديد وأحد قولي القديم : تقدم زكاة العين ، والثاني : زكاة التجارة . فإن قلنا بالأظهر أخرج السن الواجبة من السائمة ، وتضم السخال إلى الأمات . وإن قدمنا زكاة التجارة ، قال في التهذيب : تقوم مع درها ، ونسلها ، وصوفها ، وما اتخذ من لبنها ، وهذا تفريع على أن النتاج مال تجارة ، وقد سبق فيه الخلاف ، ولا عبرة بنقصان النصاب في أثناء الحول ، تفريعا على الأصح في وقت اعتبار نصاب التجارة . ولو اشترى نصابا من السائمة للتجارة ثم اشترى بها عرضا بعد ستة أشهر مثلا ، فعلى القول الثاني : لا ينقطع الحول ، وعلى الأول : ينقطع ، ويبتدئ حول زكاة التجارة من يوم شراء العرض . ثم القولان فيما إذا كمل نصاب الزكاتين واتفق الحولان . وأما إذا لم يكمل نصاب أحدهما ، بأن كان أربعين من الغنم ، لا تبلغ قيمتها نصابا عند تمام الحول ، أو كان تسعا وثلاثين فما دونها ، وقيمتها نصاب ، فالمذهب : وجوب زكاة ما بلغ به نصاباه . هكذا قطع به العراقيون ، والقفال ، والجمهور . وقيل : في وجوبها وجهان . وإذا غلبنا زكاة العين في نصاب السائمة ، فنقصت في خلال السنة عن النصاب ، ونقلناها إلى زكاة التجارة ، فهل يبني حول التجارة على حول العين ، أم يستأنفه ؟ وجهان ، كالوجهين فيمن ملك نصاب سائمة لا للتجارة فاشترى به عرضا للتجارة ، هل يبنى حول التجارة على حول السائمة ؟ وإذا أوجبنا زكاة التجارة لنقصان الماشية المشتراة للتجارة عن النصاب ، ثم [ ص: 278 ] بلغت في أثناء الحول نصابا بالنتاج ، ولم تبلغ بالقيمة نصابا في آخر الحول ، فوجهان ، أحدهما : لا زكاة ؛ لأن الحول انعقد للتجارة ، فلا يتغير ، والثاني : ينتقل إلى زكاة العين ، فعلى هذا ، هل يعتبر الحول من تمام النصاب بالنتاج ، أم من وقت نقص القيمة عن النصاب ؟ وجهان .

قلت : الأصح : لا زكاة ، والله أعلم .

أما إذا كمل نصاب الزكاتين واختلف الحولان ، بأن اشترى بمتاع التجارة بعد ستة أشهر نصاب سائمة ، أو اشترى به معلوفة للتجارة ، ثم أسامها بعد ستة أشهر - فطريقان ، أصحهما أنه على القولين في تقديم زكاة العين أو التجارة ، والثاني أن القولين مخصوصان بما إذا اتفق الحولان ، بأن يشتري بعروض القنية نصاب سائمة للتجارة . فعلى هذا ، فيه طريقان . أصحهما وبه قطع المعظم أن المتقدم يمنع المتأخر قولا واحدا ، فعليه زكاة التجارة في الصورة المذكورة . والطريق الثاني : على وجهين ، أحدهما : هذا ، والثاني أن المتقدم يرفع حكم المتأخر ويتجرد . وإذا طردنا القولين فيما إذا تقدم حول التجارة ، فإن غلبنا زكاة التجارة ، فذاك ، وإن غلبنا العين فوجهان ، أحدهما : تجب عند تمام حولها ، وما سبق من حول التجارة يبطل . وأصحهما : تجب زكاة التجارة عند تمام حولها ؛ لئلا يبطل بعض حولها ، ثم يستفتح حول زكاة العين من منقرض حولها ، وتجب زكاة العين في سائر الأحوال .

فرع

لو اشترى نخيلا للتجارة فأثمرت ، أو أرضا مزروعة فأدرك الزرع ، وبلغ الحاصل نصابا - عاد القولان في أن الواجب زكاة العين أم التجارة ؟ فإن لم يكمل أحد النصابين ، أو كملا ولم يتفق الحولان ، استمر التفصيل الذي سبق . [ ص: 279 ] ثم هذا الذي ذكرناه فيما إذا كانت الثمرة حاصلة عند المشتري ، وبدا الصلاح في ملكه . أما إذا أطلعت بعد الشراء ، فهذه ثمرة حدثت من شجر التجارة ، وفي ضمها إلى مال التجارة وجهان تقدما ، فإن ضممناها ، فهي كالحاصلة عند الشراء ، وتنزل منزلة زيادة متصلة ، أو أرباح متجددة في قيمة العرض ، ولا تنزل منزلة ربح بنض ، ليكون حولها على الخلاف السابق فيه . فإن قلنا : ليست مال تجارة ، فمقتضاه وجوب زكاة العين فيها بلا خلاف ، وتخصيص زكاة التجارة بالأرض والأشجار .

التفريع : إن غلبنا زكاة العين أخرج العشر أو نصفه من الثمار والزرع ، وهل تسقط به زكاة التجارة عن قيمة جذع النخل ، وتبن الزرع ؟ وجهان ، أصحهما : لا يسقط . وفي أرض النخل والزرع طريقان ، أحدهما : على الوجهين في الجذع والتبن ، والثاني : القطع بالوجوب لبعد الأرض عن التبعة . قال إمام الحرمين : وينبغي أن يعتبر ذلك بما يدخل في الأرض المتخللة بين النخيل في المساقاة ، وما لا يدخل . فما لا يدخل تجب فيه زكاة التجارة قطعا ، وما يدخل فهو على الخلاف . وإذا أوجبنا زكاة التجارة في هذه الأشياء ، فلم تبلغ قيمتها نصابا ، فهل يضم قيمة الثمرة والحب إليها ليكمل النصاب ؟ وجهان .

قلت : أصحهما : لا ضم ، وما ذكره الإمام جزم به الماوردي ، والله أعلم .

وعلى هذا القول لا يسقط اعتبار التجارة في المستقبل ، بل تجب زكاة التجارة في الأحوال المستقبلة . ويكون ابتداء حول التجارة من وقت إخراج العشر ، لا من بدو الصلاح ؛ لأن عليه بعد بدو الصلاح تربية الثمار للمساكين ، فلا يجوز أن يكون زمان التربية محسوبا عليه . فأما إذا غلبنا زكاة التجارة ، فتقوم الثمرة والجذع ، وفي الزرع الحب والتبن . وتقوم الأرض أيضا فيهما ، وسواء اشتراها مزروعة للتجارة أو اشترى بذرا وأرضا للتجارة وزرعها به في جميع [ ص: 280 ] ما ذكرنا . ولو اشترى الثمار وحدها وبدا الصلاح في يده ، جرى القولان في أنه يخرج العشر أم زكاة التجارة ؟ .

فرع

لو اشترى أرضا للتجارة وزرعها ببذر للقنية ، وجب العشر في الزرع وزكاة التجارة في الأرض بلا خلاف فيهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية