صفحة جزء
[ ص: 315 ] الصنف الخامس : الرقاب ، وهم المكاتبون ، فيدفع إليهم ما يعينهم على العتق ، بشرط أن لا يكون معه ما يفي بنجومه ، وليس له صرف زكاته إلى مكاتب نفسه على الصحيح ، لعود الفائدة إليه .

وجوزه ابن خيران ، ويشترط كون الكتابة صحيحة ، ويجوز الصرف قبل حلول النجم على الأصح ، ويجوز الصرف إلى المكاتب بغير إذن السيد ، والأحوط الصرف إلى السيد بإذن المكاتب . ولا يجزئ بغير إذن المكاتب ، لأنه المستحق ، لكن يسقط عن المكاتب بقدر المصروف ، لأن من أدى دين غيره بغير إذنه ، برئت ذمته .

قلت : هذا الذي ذكره من كون الدفع إلى السيد أحوط وأفضل ، هو الذي أطلقه جماهير الأصحاب .

وقال الشيخ أبو الفتح نصر المقدسي الزاهد من أصحابنا : إن كان هذا الحاصل آخر النجوم ، ويحصل العتق بالدفع إلى السيد بإذن المكاتب ، فهو أفضل ، وإن حصل دون ما عليه ، لم يستحب دفعه إلى السيد ، لأنه إذا دفعه إلى المكاتب ، أتجر فيه ونماه ، فهو أقرب إلى العتق . والله أعلم .

فرع

إذا استغنى المكاتب عما أعطيناه ، أو عتق بتبرع السيد بإعتاقه ، أو بإبرائه ، أو بأداء غيره عنه ، أو بأدائه هو من مال آخر ، وبقي مال الزكاة في يده ، فوجهان . وقيل : قولان .

أحدهما : لا يسترد منه ، كالفقير يستغني ، وأصحهما : يسترد لعدم حصول المقصود بالمدفوع .

ويجري الوجهان في الغارم إذا استغنى عن المأخوذ بإبراء ونحوه ، وإن كان قد تلف المال في يده بعد العتق ، غرمه ، وإن تلف قبله ، فلا ، على الصحيح . وقال في " الوسيط " : وكذا لو تلفه .

وإذا عجز المكاتب ، فإن كان المال في يده ، استرد . وإن كان تالفا ، لزمه غرمه على الأصح .

وهل يتعلق بذمته ، أم برقبته ؟ فيه وجهان .

[ ص: 316 ] قلت : أصحهما : بذمته . والله أعلم .

ولو دفعه إلى السيد وعجز عن بقية النجوم ، ففي الاسترداد من السيد الخلاف السابق في الاسترداد من المكاتب ، فإن تلف عنده ، ففي الغرم الخلاف السابق أيضا ، ولو ملكه السيد شخصا ، لم يسترد منه ، بل يغرم السيد إن قلنا بتغريمه .

قلت : وإذا لم يعجز نفسه واستمر في الكتابة ، فتلف ما أخذ ، وقع الموقع . والله أعلم .

فرع

للمكاتب أن يتجر بما أخذه طلبا للزيادة ، وحصول الأداء ، والغارم كالمكاتب .

فرع

نقل بعض الأصحاب للإمام ، أن للمكاتب أن ينفق ما أخذ ويؤدي النجوم من كسبه . ويجب أن يكون الغارم كالمكاتب .

قلت : قد قطع صاحب " الشامل " بأن المكاتب يمنع من إنفاق ما أخذ . ونقله أيضا صاحب " البيان " عنه . ولم يذكره غيره ، وهذا أقيس من قول الإمام . والله أعلم .

فرع

قال البغوي في " الفتاوى " : لو اقترض ما أدى به النجوم فعتق ، لم يصرف [ ص: 317 ] إليه من سهم الرقاب ، ولكن يصرف إليه من سهم الغارمين ، كما لو قال لعبده : أنت حر على ألف ، فقبل ، عتق ، ويعطى الألف من سهم الغارمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية